باب النهى عن النذر

باب النهى عن النذر

 حدثنا أبو داود قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب قال أخبرنى مالك عن أبى الزناد عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : « لا يأتى ابن آدم النذر القدر بشىء لم أكن قدرته له ولكن يلقيه النذر القدر قدرته يستخرج من البخيل يؤتى عليه ما لم يكن يؤتى من قبل ».

النذر هو إيجاب المرء فعل أمر على نفسه لم يلزمه به الشارع، كأن يقول الإنسان: علي ذبيحة، أو أتصدق بكذا إن شفى الله مريضي؛ فهو في صورة الشرط على الله عز وجل
هذا الحديث من الأحاديث القدسية كما ورد في رواية أخرى للبخاري، ولكنه لم يصرح بنسبته إلى الله تعالى هنا، وفيه يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي لابن آدم بشيء لم يكن قد قدره الله له، «ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له»، معناه: أن النذر لا يصنع شيئا، وإنما يلقيه إلى القدر؛ فإن كان قد قدر وقع، وإلا فلا؛ فالنذر لا يقدم شيئا ولا يؤخره، بل الخير والشر يجري وفق مقادير الله عز وجل، فالمقدور لا يتغير من شر إلى خير بسبب النذر
وأخبر أن الله سبحانه يستخرج بالنذر الخير من البخيل والشحيح؛ فهو أشبه بإلزام البخيل بإخراج شيء لم يكن يريد أن يخرجه من تلقاء نفسه؛ فالمعنى: أطيعوا الله ابتداء وطواعية، ولا تطلبوا للطاعة مقابلا، فعادة الناس تعليق النذور على حصول المنافع ودفع المضار؛ فإن ذلك فعل البخيل؛ إذ لا يأتي بهذه القربة تطوعا ابتداء، بل في مقابلة؛ بنحو شفاء مريض مما علق النذر عليه، وأما السخي الكريم فإذا أراد أن يتقرب إلى الله تعالى، استعجل فيه وأتى به في الحال، فشأن الكريم أن يبادر بالعطاء، وأن يسابق إلى فعل الخير؛ طلبا لمرضاة الله، والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفى أولا!
فإذا نذر وتحقق ما أراد، يعطي هذا البخيل لله على ذلك الأمر الذي بسببه نذر -كالشفاء- ما لم يكن يعطيه ويخرجه لله من قبل النذر
وفي الحديث: إشارة إلى ذم النذر المعلق