باب ما جاء في البناء على الصلاة
سنن ابن ماجه
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا عبد الله بن موسى التيمي، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان
عن أبي هريرة، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة وكبر، ثم أشار إليهم، فمكثوا، ثم انطلق فاغتسل، وكان رأسه يقطر ماء، فصلى بهم، فلما انصرف قال: "إني خرجت إليكم جنبا، وإني نسيت حتى قمت في الصلاة" (2).
الطَّهارةُ مِنَ الحَدِث شرْطٌ في الصَّلاةِ، فلا تصحُّ صلاةٌ بغيرِ طُهورٍ. وفي هذا الحديثِ يَروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ إحدى الصَّلَواتِ أُقيمتْ في مَسجِدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، فعُدِّلتِ الصُّفوفُ وسُوِّيتْ، وقام الناسُ للصَّلاةِ، وخرَج النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَؤُمَّ الناسَ، ولَمَّا وقَف في مَوقفِ الإمامِ تذَكَّر أنَّه جُنُبٌ، وأنَّه لم يَغتسِلْ مِن الجَنابةِ، وتُطلَقُ الجَنابةُ على كلِّ مَن أَنزَل المنِيَّ أو جامَعَ، وسُمِّيَ الجُنُبُ بذلك؛ لاجتِنابِه الصَّلاةَ والعباداتِ حتَّى يَطَّهَّرَ مِن الجَنابةِ، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أن يَلزَموا أماكنَهم، ثُمَّ رجَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى حُجُراتِ زَوجاتِه فاغتسَلَ، وخرَجَ إليهم ورأسُه يَقطُرُ مِنَ الماءِ؛ مِن أثَرِ الغُسلِ، ثُمَّ صلَّى بالناسِ إمامًا. وهذا مِن تعليمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه وأُمَّتِه ألَّا يَتحرَّجَ أحدٌ مِن أعمالِ الطَّهارةِ، وفِعلِ ما شرَعَه اللهُ إذا ذكَرَه، ولا يَتحرَّجَ مِن النَّاسِ.وفي الحديثِ: خروجُ مَن ذَكَر في المَسجدِ أنَّه جُنبٌ؛ ليَغتسِلَ، ولا يَلزَمُه التيمُّمُ لمشْيهِ للخُروجِ، ومِثلُه مَن أرادَ المرورَ في المَسجِد وهو جُنُبٌ.