مسند أبي هريرة رضي الله عنه 803

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 803

قرأت على عبد الرحمن: مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه، خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء، أو نحو هذا [ص:393]، فإذا غسل يديه، خرجت من يديه كل خطيئة بطش بها مع الماء - أو مع آخر قطر الماء -، حتى يخرج نقيا من الذنوب»

تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بأن جَعَلَ أداءَ العِباداتِ بشُروطِها سَببًا للمَغفرةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعِباداتِ بذِكرِ الأجرِ والثَّوابِ عليها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا أرادَ أن يتَوضَّأ «العَبدُ المُسلِمُ -أوِ المُؤمِنُ-» وزيادةُ لفظةِ «العبدِ» لإفادةِ إخلاصِ العبادةِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحديثِ في أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: المُسلِمُ أوِ المُؤمِنُ، والمَعنى: أنَّه إذا تَوضَّأ مُستَشعِرًا أنَّه عبدٌ مُخلِصٌ مُطيعُ الأوامرِ، فإذا غَسَلَ وَجهَه خَرَجَ من وَجهِه كُلُّ خَطيئةٍ نَظَرَ إليها بعَينَيه مَع انفِصالِ الماءِ عنِ البَشَرةِ وسُقوطِه عنها، «أو مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، أي: تَخرُجُ خَطاياه من وَجهِه مع آخِرِ نُقطةِ منَ الماءِ، والشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحَديثِ، فالَّتي نَظَرَ إليه بعَينَيه تَخرُجُ من عَينَيه، والَّتي استَنشَقَها بأنفِه خَرَجَت من أنفِه، والَّتي نَطَقَها بفَمِه خَرَجَت من فَمِه، قيلَ: خُصَّتِ العَينُ بالذِّكرِ؛ لأنَّها طَليعةُ القلبِ ورائدُه، فإذا ذُكِرت أغنَت عن سائرِها، وقيلَ: ذُكِرت لأنَّ كلًّا منَ الفمِ، والأنفِ، والأُذنِ له طهارةٌ مَخصوصةٌ خارجةٌ عن طهارةِ الوَجهِ، فكانت مُتكفِّلةً بإخراجِ خَطاياه، بخلافِ العَينِ؛ فإنَّه ليس لها طهارةٌ إلَّا في غَسلِ الوَجهِ، فخُصَّت خَطيئتُها بالخُروجِ عندَ غَسلِه دُونَ غيرِها ممَّا ذُكِرَ
فإذا غَسَلَ يَدَيه ذَهبَت ومُحيَت كُلُّ خَطيئةٍ اقترَفَتها وعَمِلتها يَداهُ، كالمُلامسَةِ المُحرَّمةِ وغَيرِها، «مَعَ الماءِ، أوْ مَع آخِرِ قَطْرِ الماءِ»، فإذا غَسَلَ رِجلَيه خَرجَت كُلُّ خَطيئَةٍ مَشتها رِجلاه «مَع الماءِ، أوْ مَعَ آخِرِ قَطرِ الماءِ»، حتَّى إذا انتَهَى من وُضوئه خَرَجَ نَقيًّا منَ ذُنوبِ الأعضاءِ أو جَميعِ الذُّنوبِ مِنَ الصَّغائرِ؛ لأنَّ الأدلَّةَ مُتواترةٌ على أنَّ الكبائرَ لا بُدَّ لها من تَوبةٍ
وفي الحَديثِ: فَضلُ الوُضوءِ، وأنَّه يُكفِّرُ الذُّنوبَ
وفيه: حَثٌّ على الإكثارِ مِنَ الوُضوءِ