حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عثمان بن جابر، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحرب خدعة
لِلمَرْءِ أنْ يَفعَلَ في مَقامِ الحَربِ ما لا يُؤْذَنُ في فِعْلِه في غَيرِها مِنَ المَواطِنِ، ومِن ذلك: الخِداعُ، وهو التَّوريةُ والكَذِبُ، إنِ اضطُرَّ إليه؛ فإنَّ الحَربَ خَدْعةٌ، كما أخبَرَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمَّى الحَربَ خَدعةً. وقيلَ: مَعناه: استَعمِلِ الحيلةَ في الحَربِ ما أمكَنَكَ، وذلك مِن أجْلِ تَحقيقِ مَصلَحةٍ كَبيرةٍ لِلمُسلِمينَ، فإذا أعيَتْكَ الحِيَلُ فقاتِلْ، وقيلَ: مَعناه أنَّ مَن خُدِعَ فيها مَرَّةً واحِدةً عَطِبَ وهَلَكَ، ولا عَودةَ له. ويُؤخَذُ منه: أنَّ لِلمُسلِمِ أنْ يَكذِبَ، أو يُصرِّحَ بغَيرِ الحَقيقةِ؛ فيُظهِرَ مِن نَفْسِه قُوَّةً، ويَتحَدَّثَ بما يَشحَذُ به هِمَّةَ أصحابِه، ويَكيدُ به عَدُوَّهم، أو يَكذِبَ على العَدُوِّ؛ لِيَخدَعَه، كما عِندَ التِّرمِذيِّ مِن حَديثِ أسماءَ بِنتِ يَزيدَ رَضيَ اللهُ عنها: «لا يَحِلُّ الكَذِبُ إلَّا في ثَلاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امرأتَه لِيُرضيَها، والكَذِبُ في الحَربِ، والكَذِبُ لِيُصلِحَ بيْنَ النَّاسِ»..