حدثنا عصام بن خالد، ويونس بن محمد، قالا: حدثنا العطاف بن خالد، عن زيد بن أسلم، قال: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم انصرفنا إلى أنس بن مالك نسأل عنه، وكان شاكيا، فلما دخلنا عليه سلمنا قال: " أصليتم "؟ قلنا: نعم، قال: " يا جارية هلمي لي وضوءا، ما صليت وراء إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، من إمامكم هذا ". قال عصام في حديثه: قال زيد: ما يذكر في ذلك أبا بكر ولا عمر قال: - قال زيد - وكان عمر يتم الركوع والسجود ويخفف القعود والقيام "
كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يَحرِصونَ أن يُصَلُّوا كما صَلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقد قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصَلِّي، وكانوا رَضِيَ اللهُ عنهم يُعجِبُهم أن يُصَلُّوا خَلفَ مَن يُصَلِّي مِثلَ صَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ التَّابِعينَ، فيَقولُ: صَلَّينا مَعَ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ الظُّهرَ، أي: أنَّهم صَلَّوا صَلاةَ الظُّهرِ جَماعةً مَعَ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ، وذلك عِندَما كان أميرًا على المَدينةِ، ثُمَّ انصَرَفنا إلى أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه نَسألُ عنه، أي: خَرَجْنا بَعدَ الصَّلاةِ مِنَ المَسجِدِ نُريدُ أن نَزورَ أنَسَ بنَ مالكٍ ونَسألَ عنه، وكان شاكيًا، أي: كان أنَسٌ مَريضًا، فلَمَّا دَخَلنا عليه سَلَّمْنا، أي: أنَّهم لَمَّا دَخَلوا على أنَسِ بنِ مالكٍ سَلَّموا عليه، فقال لَهم أنَسٌ: أصلَّيتُم؟ أي: هَل انتَهَيتُم مِنَ الصَّلاةِ. فقالوا له: نَعَم. ثُمَّ قال أنَسٌ لجاريَتِه: يا جاريةُ، هَلُمِّي لي وَضوءًا، أي: أحضِري لي إناءً فيه ماءٌ حَتَّى أتَوضَّأَ، ثُمَّ قال لَهم أَنَسٌ: ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ بَعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشبَهَ صَلاةً برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن إمامِكُم هذا، أي: يَقصِدُ به عُمَرَ بنَ عَبدِ العَزيزِ، والمَعنى: أنَّه كان أشبَهَ النَّاسِ بصَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال عِصامٌ في حَديثِه: قال زَيدٌ وهو مِنَ الرُّواةِ: ما يَذكُرُ في ذلك أبا بَكرٍ ولا عُمَرَ، أي: أنَّ أنَسًا رَضيَ اللهُ عنه لَم يَستَثنِ في حَديثِه أحَدًا لا أبا بَكرٍ ولا عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ. ثُمَّ بَيَّنَ زَيدُ بنُ أسلَمَ كَيفيَّةَ صَلاةِ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ، فقال: وكان عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ يُتِمُّ الرُّكوعَ والسُّجودَ، أي: كان يَركَعُ رُكوعًا تامًّا مُطَمئِنًّا فيه، وكَذلك السُّجودُ، ويُخَفِّفُ القُعودَ والقيامَ، أي: يَجعَلُ قيامَه وقِراءَتَه وقُعودَه خَفيفًا ولا يُطَوِّلُهما.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ زيارةِ المَريضِ.
وفيه تَفقُّدُ الإخوانِ لأخيهم وسُؤالُهم عنه.
وفيه سُؤالُ العالمِ لطُلَّابِه عن صَلاتِهم.
وفيه مَنقَبةٌ لعُمَرَ بنِ عَبدِ العَزيزِ.
وفيه بَيانُ كَيف كانت صَلاةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه مَشروعيَّةُ إتمامِ الرُّكوعِ والسُّجودِ وتَخفيفِ القيامِ والقُعودِ.