مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1473
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أنس، أنه قال: " ما صليت خلف رجل أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عمر مد في صلاة الفجر "، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: " سمع الله لمن حمده "، قام حتى نقول قد أوهم، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم
كان الصَّحابةُ يلاحظون أفعالَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ أحوالِه، فيستنُّون بهَدْيِه، وخاصَّةً في العِباداتِ، وينقُلون عنه كلَّ التَّفاصيلِ؛ حتَّى يَتعلَّموا ويُعلِّموا مَن بعدَهم، وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه: "ما صلَّيْتُ خلفَ أحدٍ أوجزَ صلاةً مِن صلاةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في تمامٍ"، أي: ما صلَّيْتُ صلاةً خفيفةً وموجزةً مع إتمامِ هيئاتِها وأركانِها وعدمِ الإخلالِ فيها، مِن الصلاةِ وراءَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقد "كانت صلاتُه متقاربةً"، أي: متقاربةً في طولِها وقِصَرِها، وفي إعطاءِ كلِّ ركنٍ وحَركةٍ حقَّها، "وكانتْ صلاةُ أبي بكرٍ متقاربةً"، أي: وكذلك كانت صلاةُ أبي بكرٍ مِثلَ صلاةِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في طُولِها وقِصَرِها وتَقارُبِها، "فلمَّا كان عمرُ بنُ الخطَّابِ مدَّ في صلاةِ الفجرِ"، أي: أطالَ في صلاةِ الفجرِ؛ ولعلَّ ذلك لحِكمةٍ رآها عمرُ؛ حتَّى يُدرِكَ المُتأخِّرُ، ويستيقظَ النَّائمُ، وليس مخالفةً لسنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقد كان مِن سنَّتِه أيضًا مراعاةُ الأحوالِ.
وكان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قال: "سَمِع اللهُ لِمَن حَمِده، قام حتَّى نقولَ: قد أوهَم"، أي: يقفُ بعد الرَّفعِ مِن الرُّكوعِ وقوفًا طويلًا للدُّعاءِ، حتَّى يظُنَّ مَن وراءَه أنَّه قد نَسِيَ في صلاتِه، وما كان ذلك وهمًا ولا نسيانًا مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هي سنَّتُه في الصَّلاةِ، "ثمَّ يسجُدُ ويقعُدُ بين السَّجدتينِ حتَّى نقولَ: قد أوهَم"، أي: يقعُدُ ويُطيلُ القعودَ بين السَّجدتينِ، ويدعو حتَّى يظُنَّ مَن وراءَه أنَّه قد نَسِيَ في صلاتِه.
وفي الحديثِ: مُحافظةُ الصَّحابةِ على سنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهَدْيِه في الصَّلاةِ، مع مُراعاةِ أحوالِ النَّاس.