‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1569

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1569

حدثنا علي بن إسحاق، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليه رجل وهو يخطب، فذكره، فرفع يديه - وأشار عبد العزيز -، فجعل ظهرهما مما يلي وجهه "

عمارة ) بضم العين وتخفيف الميم ( ابن رويبة ) بالتصغير ( وهو ) أي بشر بن مروان ( يدعو في يوم جمعة ) ولفظ مسلم وابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن إدريس وأبي عوانة عن حصين عن عمارة بن رويبة قال : " رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه " . وكذا أخرجه النسائي من طريق سفيان عن حصين بلفظ " رفع يديه يوم الجمعة على المنبر " .

ولفظ الترمذي من طريق هشيم أخبرنا حصين قال سمعت عمارة وبشر بن مروان يخطب فرفع يديه في الدعاء . ولفظ أحمد في مسنده حدثنا حصين عن عمارة بن رويبة " أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه يشير بأصبعيه يدعو فقال : لعن الله هاتين اليدين ورأيت رسول الله على المنبر يدعو وهو يشير بإصبع " قال في المرقاة : قوله رافعا يديه أي عند التكلم كما ص: 337 ] هو دأب الوعاظ إذا حموا ، يشهد له قوله الآتي وأشار بإصبعه المسبحة قاله الطيبي .

وقال النووي : فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة ، وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم . وحكى القاضي عن بعض السلف وبعض المالكية إباحته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى . وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض . انتهى .

وفي المصنف لابن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن سماك بن حرب قال : قلت له كيف كان يخطب النعمان قال كان يلمع بيديه ، قال وكان الضحاك بن قيس إذا خطب ضم يده على فيه . حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : " أذن للإمام يوم الجمعة أن يشير بيده " حدثنا ابن المهدي عن سفيان عن خالد عن ابن سيرين قال : " كانوا يستأذنون الإمام وهو على المنبر فلما كان زياد وكثر ذلك قال من وضع يده على أنفه فهو إذنه " . انتهى .

قلت : وهل المراد في حديث عمارة بالرفع المذكور رفع اليدين عند الدعاء على المنبر أو المراد رفع اليدين لا وقت الدعاء بل عند التكلم كما هو دأب الوعاظ والقصاص أنهم يحركون أيديهم يمينا وشمالا ينبهون السامعين على الاستماع . فحديث عمارة يدور إسناده على حصين بن عبد الرحمن ورواته اختلفوا عليه ، فرواية عبد الله بن إدريس وأبي عوانة وسفيان كلهم عن حصين تدل على المعنى الثاني ، ولذا بوب النسائي باب الإشارة في الخطبة ، وبوب ابن أبي شيبة الرجل يخطب يشير بيده ، وهكذا فهم الطيبي .

ورواية هشيم وزائدة وابن فضيل كلهم عن حصين تدل على المعنى الأول وهكذا فهم النووي وأما ترجمة المؤلف وكذا الترمذي فمتحمل لمعنيين ، وعندي للمعنى الثاني ترجيح من وجهين الأول أن أبا عوانة الوضاح وسفيان الثوري وعبد الله بن إدريس أوثق وأثبت من هشيم بن بشير ومحمد بن فضيل وإن كان زائدة بن قدامة مثل هؤلاء الثلاثة في الحفظ فتعارض رواية هؤلاء الثلاثة الحفاظ برواية زائدة بن قدامة والعدد الكثير أولى بالحفظ .

والثاني أن قوله الآتي لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر ما يزيد على هذه يعني السبابة التي تلي الإبهام يؤيد هذا المعنى الأخير ، لأن رفع اليدين في الدعاء ليس مأثورا بهذه الصفة بل أراد الراوي أن رفع اليدين كلتيهما لتخاطب السامعين ليس من دأب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل إنما يشير النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصبعه السبابة . انتهى مختصرا من غاية المقصود .

( قبح الله هاتين اليدين ) دعاء عليه أو إخبار عن قبح صنعه نحو قوله تعالى تبت يدا أبي لهب ص: 338 ] ( وهو على المنبر ) قال في القاموس : نبر الشيء رفعه ومنه المنبر بكسر الميم ( ما يزيد على هذه ) ولفظ مسلم " ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بأصبعه المسبحة " ولفظ النسائي ما زاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا وأشار بأصبعه السبابة " قال الطيبي : والمعنى أي يشير عند التكلم في الخطبة بأصبعه يخاطب الناس وينبههم على الاستماع ..