مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 2
مسند احمد
حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن زياد بن جبير، قال [ص:13]: رأيت رجلا جاء ابن عمر، فسأله، فقال: إنه نذر أن يصوم كل يوم أربعاء، فأتى ذلك علي يوم أضحى أو فطر؟ فقال ابن عمر: «أمر الله بوفاء النذر، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صوم يوم النحر»
النَّذْرُ هو إيجابُ الإنسانِ على نَفْسِه فِعلَ أمْرٍ لم يُلزِمْه به الشَّارعُ، كأنْ يقولَ الإنسانُ: علَيَّ ذَبيحةٌ، أو صومُ يومِ كذا إنْ شفَى اللهُ مَريضي؛ فهو في صُورةِ الشَّرطِ على اللهِ عزَّ وجلَّ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ زيادُ بنُ جُبَيرٍ أنَّ رَجُلًا جاء إلى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما، يَسألُه أنَّه نذَرَ أنْ يَصومَ يومًا، فصادَفَ يومُ النَّذرِ يومَ عيدِ الأضحى أو يَومِ عيدِ الفِطرِ، فماذا يَفعَلُ هل يَصومُ أم يُفطِرُ؟ فقال ابنُ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما: «أَمَر اللهُ تعالَى بوَفاءِ النَّذرِ» وذلك في قولِه تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29]، «ونَهى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن صَومِ هذا اليومِ»، أي: صَومِ يومَي العيدين، وهذا النَّهيُ عن صِيامِهما؛ لأنَّهما يوْمَا عيدٍ ولَعِبٍ وفَرَحٍ وأكلٍ وشُربٍ، وكذلك فإنَّ يومَ عيدِ الفِطر هو يومُ الإفطارِ مِن صِيامِ رمَضانَ، وأمَّا يومُ الأضحى ليَتمكَّنَ المسلمُ مِن الأكْلِ مِن نُسُكه أو ذَبيحتِه مِن الأُضحيَّةِ إنْ ضحَّى. وكأنَّ ابنَ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما تَوقَّف عن الفَتوى في هذا الأمرِ لتَعارُضِ الأدلَّةِ عنده، وهو مِن بابِ التَّورُّعِ مِن ابنِ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما، وهو مَشهورٌ به، وقيل: إنَّ ابنَ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما بيَّن له العُمومَ والخُصوصَ، ولا بُدَّ له مِن الإتيانِ بالأمْرينِ؛ فلا يَصومُ يومَ العيدِ؛ لنَهيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثمَّ يصومُ يومًا بدَلًا منه؛ لأمرِ اللهِ بالوفاءِ بالنَّذرِ. وفي الحديثِ: الأمرُ بالوفاءِ بالنَّذرِ
وفيه: النَّهيُ عن صِيامِ يومَي عيدِ الفِطرِ وعيدِ الأضحى