باب الأذكار بعد الصلاة

وروينا فيه عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة: " اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر " (2) .
وفي هذا الحديث يحكي عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: "يا أبت، إني أسمعك تدعو كل غداة"، أي: كل يوم في وقت الصبح، "اللهم عافني في بدني"، أي: من الأمراض والأسقام لأقوى على الطاعة، "اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري "، أي: يطلب أن يعافيه الله تعالى مما قد يصيبه بالضعف، فلا يدرك نعم الله تعالى التي تدرك بتلك الحاستين، كما في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا". "لا إله إلا أنت"، أي: لا معبود بحق إلا الله عز وجل.
قال: "تعيدها ثلاثا"، أي: تكررها ثلاث مرات، "حين تصبح"، أي: في الصباح بعد طلوع الفجر، "وثلاثا حين تمسي"، أي: تكررها ثلاث مرات في المساء؟ فقال أبو بكرة رضي الله عنه: "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعو بهن"، أي: بهؤلاء الكلمات المذكورات، "فأنا أحب أن أستن بسنته"، أي: أتبع طريقته ونهجه؛ فأوضح أن سبب قوله لهذا الدعاء هو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عباس- وهو ابن عبد العظيم، أحد رواة الحديث-: "فيه"، أي: زاد في روايته للحديث: وتقول: "اللهم إني أعوذ بك"، أي: ألتجئ وأعتصم بك، "من الكفر"؛ بعد الإيمان، "والفقر"؛ في النفس والمال، "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر"، أي: من الأسباب التي تؤدي إلى التعذيب في القبر، "لا إله إلا أنت، تعيدها ثلاثا حين تصبح، وثلاثا حين تمسي؛ فأحب أن أستن بسنته".
وفي الحديث: إثبات عذاب القبر.
وفيه: حث لمن به غم وهم أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء، وبيان ما يقوله.