حديث أبي السوار عن خاله رضي

مسند احمد

حديث أبي السوار عن خاله رضي

 حدثنا عارم، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، حدثنا السميط، عن أبي السوار، حدثه أبو السوار، عن خاله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه فأتبعته معهم قال: ففجئني القوم يسعون قال: وأبقى القوم فأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربني ضربة إما بعسيب أو قضيب أو سواك أو شيء كان معه قال: فوالله ما أوجعني. قال: فبت بليلة. قال: أو قلت: ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله في. قال: وحدثتني نفسي أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحت قال: فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنك راع فلا تكسر قرون رعيتك» . قال: فلما صلينا الغداة، أو قال: أصبحنا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إن أناسا يتبعوني، وإني لا يعجبني أن يتبعوني. اللهم فمن ضربت أو سببت، فاجعلها له كفارة وأجرا» أو قال: «مغفرة ورحمة» . أو كما قال

 النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَشَرٌ يَقَعُ مِنه ما يَقَعُ مِن بَقيَّةِ البَشَرِ مِنَ الغَضَبِ والحُزنِ والفرَحِ وغَيرِ ذلك مِن أحوالِ النَّاسِ، ولَكِن لَمَّا كان نَبيًّا يَقومُ بدَعوةِ النَّاسِ للدِّينِ وتَعليمِهم وإرشادِهم، والنَّاسُ يَجتَمِعونَ حَولَه ويَقصِدونَه في أكثَرِ الأوقاتِ؛ مِمَّا يُؤَدِّي أنَّه قد يَسُبُّ شَخصًا أو يَضرِبُه لسَبَبٍ ما؛ فلهذا دَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَبَّه فقال: اللهُمَّ إنَّما مُحَمَّدٌ بَشَرٌ، يَغضَبُ كما يَغضَبُ البَشَرُ، وإنِّي قدِ اتَّخَذتُ عِندَك عَهدًا لَن تُخلِفَنيه، فأيُّما مُؤمِنٍ آذَيتُه أو سَبَبتُه أو جَلَدْتُه، فاجعَلْها له كَفَّارةً، وقُربةً تُقَرِّبُه بها إليك يَومَ القيامةِ

 وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو السِّوارِ عن خالِه، فيَقولُ: رَأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمشي، والنَّاسُ يَتبَعونَه، فاتَّبَعتُه مَعَهم. ولَعَلَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان ذاهبًا لأمرٍ لا يَنبَغي أن يَكونَ مَعَه أحَدٌ، أو يَكونُ مَعَه بَعضُ أفرادٍ قَليلينَ، فاتَّبَعَه جَمهَرةٌ مِنَ النَّاسِ، فأغضَبَه ذلك، فاتَّقى القَومُ بخالِ أبي سِوارٍ، فأتى عليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فضَرَبَه إمَّا بعَسيبٍ، أي: جَريدةٍ مِنَ النَّخلِ، وهيَ السَّعَفةُ مِمَّا لَم يَنبُتْ عليه الخوصُ، أو بقَضيبٍ، أي: عَصًا، أو سِواكٍ، أو شَيءٍ كان مَعَه، يَقولُ خالُ أبي سِوارٍ: فواللهِ ما أوجَعَني، أي: كان ضَربًا خَفيفًا، وبَتُّ لَيلةً، أي: مَشغولَ الفِكرِ، وقُلتُ: ما ضَرَبَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا لشَيءٍ أعلَمه اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فيَّ، أي: أنَّه خاف أن يَكونَ نَزَل القُرآنُ بشَيءٍ عَنه مِمَّا جَعَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَضرِبُه، يَقولُ: فحَدَّثَتني نَفسي أنَّ آتيَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أصبَحتُ، أي: حَتَّى يُخبرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما حَدَّثَ به نَفسَه، يَقولُ: فنَزَلَ جِبريلُ عليه السَّلامُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال له: إنَّك راعٍ، فلا تَكسِرْ قُرونَ رَعيَّتِك! أي: عليك بالرِّفقِ بالرَّعيَّةِ وعَدَمِ العُنفِ مَعَهم، فلَمَّا صَلَّى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الغَداةَ، أي: صَلاةَ الفَجرِ، أو قال: أصبَحْنا، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ ناسًا يَتبَعوني، وإنِّي لا يُعجِبُني أن يَتبَعوني. وهذا مِن تَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، اللهُمَّ فمَنْ ضَرَبتُ أو سَبَبتُ، فاجعَلْها له كَفَّارةً وأجرًا. أو قال: مَغفِرةً. وإنَّما يَكونُ دُعاؤُه عليه كَفَّارةً إذا لَم يَكُنْ أهلًا للدُّعاءِ عليه والسَّبِّ واللَّعنِ ونَحوِه، وكان مُسلِمًا، وإلَّا فقد دَعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الكُفَّارِ والمُنافِقينَ، ولَم يَكُنْ ذلك لهم رَحمةً، كما بَيَّنَته الرِّواياتُ الأُخرى

 وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَشَرٌ يَقَعُ مِنه ما يَقَعُ مِنهم

 وفيه تَواضُعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

 وفيه أنَّ على الإمامِ أوِ الأميرِ أن يَصبرَ على ما يَحصُلُ مِنَ الرَّعيَّةِ ويَرفُقَ بهم

وفيه أنَّ مَن ضَرَبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو سَبَّه فهيَ كَفَّارةٌ له وأجرٌ