حديث أبي واقد الليثي 3
مسند احمد

حدثنا محمد بن القاسم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي واقد الليثي، قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة، فما يحل لنا من الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبحوا، ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلا، فشأنكم بها»
في هذا الحديث يبين ان الاختلاف اللاحق مبني على الخلاف السابق ، ثم الظاهر من إطلاق الاصطباح والاغتباق هنا أنه إذا كان على وجه الشبع فلا ينافي ما سبق في الحديث الأول من الاصطباح والاغتباق المؤول بالقدحين ، فإن ظاهره أنهما مما لا يكتفى بهما في دفع الجوع كما تقدم ، وبه أيضا يحصل الجمع بين الحديثين فتدبر ، ويستفاد هذا المعنى أيضا من هذا الحديث بطريق المفهوم المعتبر عند بعضهم إذا كانت " أو " بمعنى الواو ، فإن معناه حينئذ : فإذا اجتمعت الخلال الثلاث لم تحل الميتة وإلا حلت فيوافق ظاهر الحديث السابق في حلها مع اجتماع الصبوح والغبوق ، وكذا إذا قيل إن " أو " لأحد الأمرين أي ما دام لم يكن أحد من الثلاثة أي لا يكون شيء منها على حد ولا تطع منهم من كان اثما، ولا حاجة إلى أن " أو " بمعنى الواو لأنه تكلف مستغنى عنه ، والمعنى فإذا وجد أحد الثلاثة أي بطريق الشبع لم تحل له الميتة ، ثم رأيت شارحا للمصابيح من علمائنا ذهب في وجه الجمع بين الحديثين إلى نحو ما ذهبت إليه فيما حررته فقال : وقيل وجه التوفيق أنه أراد بقوله " نغتبق ونصطبح " أن غاية ما نتعشى به ونتغدى في غالب الأحوال ، قدح في العشاء ، وقدح في الغداء ، ويشعر به قوله : " ما طعامكم ؟ " ، فإنه يدل عرفا على السؤال عما هو الغالب والاقتصار على هذا القدر في أغلب الأوقات يفضي إلى مكابدة الجوع وتحلل البدن وتعطل الجوارح ; ولذا قال - صلى الله عليه وسلم : " ذاك وأبي الجوع " وألحقهم بالمضطرين ورخص لهم في تناول الميتة ، وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في حديث أبي واقد الليثي ( ما لم يصطحبوا ) الخ في زمان المخمصة التي تصيبهم في وقت دون وقت ، وحال دون حال ، أو بالاغتباق والاصطباح تناول ما يشبعهم في هذين الوقتين ، فإن ذلك يكفيهم ويحفظ قواهم