ذكر إيجاب لعنة الله جل وعلا وملائكته على الفاعل الفعلين اللذين تقدم ذكرنا لهما145
صحيح ابن حبان

أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمين" 1. [2: 109]
نظَّمَ الشَّرعُ أمورَ النَّسَبِ والانتماءِ إلى النَّاسِ بطُرقٍ واضحةٍ مَعروفةٍ ومُنضبطةٍ، والخُروجُ على هذه الطُّرقِ يُفسِدُ الأنسابَ ويَخلِطُ بيْنها، ويَترتَّبُ عليه مَفاسِدُ، وتُنْتَهَكُ به الحُرماتُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: مَن ادَّعَى إلى غَيرِ أبيهِ"، أي: انتسَبَ ظُلمًا وزُورًا إلى غَيرِ أبيهِ الَّذي هو مِن صُلْبِه، "أو تولَّى غيرَ مَوالِيه"، أي: مَن أعْطى ولاءَهُ لغيرِ مَوالِيه، الَّذين أعتَقُوهُ مِن الرِّقِّ، فقدِ استحَقَّ تلك العُقوبةَ أيضًا؛ لأنَّ لُحمةَ الولاءِ كلُحمةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تجاوُزُها؛ فإنَّ العِتقَ مِن حيثُ إنَّ له لُحمةً كلُحمةِ النَّسبِ، فإذا نُسِبَ إلى غيرِ مَن هو له، كان كالدَّعِيِّ الَّذي تَبرَّأَ مِمَّن هو منه، وألْحَقَ نفْسَه بغَيرِه؛ "فعليهِ لَعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ"، وهذا دُعاءٌ عليه بالطَّردِ والإبعادِ عن الرَّحمةِ؛ بسَببِ فِعلِه وجُرْمِه، وهذا مُبالَغةٌ في شِدَّةِ اللَّعنِ.