ذكر كتبة الله الصدقة للمداري أهل زمانه من غير ارتكاب ما يكره الله جل وعلا فيها196
صصحيح ابن حبان

أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان ومحمد بن الحسن بن قيبة والحسين بن عبد الله بن يزيد في آخرين قالوا حدثنا المسيب بن واضح قال حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مداراة الناس صدقة" 2
لَمَّا كانَت مُخالَطةُ النَّاسِ سَبيلًا إلى نَشْرِ الأخلاقِ الحسَنةِ والفضائلِ وأَخْذِ الأُسْوةِ جعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الخَيريَّةَ لِمَن يُخالِطُ النَّاسَ على الَّذي يَعتزِلُهم. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "المسلِمُ إذا كان مُخالِطًا النَّاسَ"، أي: موجودًا بينَهم ويتَعامَلُ معَهم ويؤثِّرُ فيهم ويتَأثَّرُ بهم التأثُّرَ الحسَنَ، "ويَصبِرُ على أذاهم"، أي: ويَصبِرُ على ما يُصيبُه مِنهم مِن مَكروهٍ وأذًى، ويُقابِلُ السَّيِّئةَ بالحسَنةِ، ويَعْفو ويصفَحُ، "خيرٌ"، أي: أفضَلُ حالًا وأكثرُ ثوابًا وأعظَمُ أجرًا، "مِن المسلِمِ الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ ولا يَصبِرُ على أذاهم"، أي: مِن المسلمِ الذي اعتَزَل النَّاسَ وبَعُد عنهم فلم يُساكِنْهم ولم يُعاشِرْهم ولم يُعامِلْهم، وذلك لأنَّ الَّذي يُخالِطُ النَّاسَ ويتَعامَلُ معَهم يَجِدُ مِن البلاءِ والأذى ما لا يَجِدُه المعتزِلُ، فإن صبَر على ذلك كان له عظيمُ الأجرِ والثَّوابِ.
وفيه: فضلُ مُخالَطةِ النَّاسِ ومُعامَلتِهم على اعتِزالِهم والبُعدِ عنهم.