فصل في المصافحة

قال رجل: يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ ، قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم
اهتمت الشريعة الإسلامية بآداب المجلس، واللقيا في المجتمع، وحرصت على نشر روح الألفة بين المسلمين، ومع ذلك حرصت أن تكون الآداب ليس فيها أي علامات أو مسببات للكبر أو التبجيل الخارج عن الحد الشرعي إلى حد الغلو
وفي هذا الحديث يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟"، أي: هل ينحني ويميل ويثني رأسه مع ظهره له؛ لتحيته عندما يقابله؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، "قال"، أي: النبي صلى الله عليه وسلم: "لا"، أي: لا تنحن له لتحيته؛ فإنه في معنى الركوع، وذلك لا يجوز لغير الله تعالى، وأما سجود إخوة يوسف عليه السلام له، فهو حكاية واقعة كانت في شريعة أخرى، وشريعتنا نهت عن ذلك، فأردف السائل طريقة أخرى للتحية ليسأل عنها.
"قال"، أي: السائل: "فيلتزمه ويقبله؟"، أي: هل يضمه إلى جسده أو صدره ويقبله كتحية عندما يلقاه؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، "قال"، أي: النبي صلى الله عليه وسلم: "لا"، أي: لا تضمه وتقبله، وهذا محمول على ما إذا كان في اللقاء اليومي، أما المجيء من سفر، ونحو ذلك فبخلاف ذلك، فأردف السائل طريقة أخرى للتحية ليسأل عنها، "قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟"، يعني: هل يمسك بيده ويصافحه؟ والإمساك باليد هو المصافحة، فهو من قبيل التفسير والتوضيح، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالموافقة، "قال" النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم"، أي: فليكن هذا هو فعلك لتحية من تلقى من إخوانك وأصدقائك
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصافح الناس بيمينه في البيعة وغير ذلك؛ ولذلك فإن المصافحة باليمين هي السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث: اهتمام الإسلام بتفاصيل الحياة؛ من تحية الغير، وغيرها.
وفيه: التوجيه النبوي بالسلام والمصافحة عند تلاقي المسلمين، وعدم المبالغة في إظهار التحية والتبجيل، يما يكون معه مخالفات شرعية.