وروينا في كتاب ابن السني وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه " (2) .
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس عشرة لأصحابه، وفي هذا الحديث يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وهذا عند مفارقته بسفر أو نحوه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه"، أي: أجعلك وديعة محفوظة عند الله، وهو سبحانه خير الحافظين للودائع والأمانات، وهذا من دعاء المقيم للمسافر، ويستحب للمرء المسافر أن يودع أهله وأقاربه وأصحابه وجيرانه، ويسألهم الدعاء له ويدعو لهم، كما هو ظاهر من الحديث؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رفع صوته بذلك الدعاء وأسمع المسافر، وهكذا كان يفعل ابن عمر وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وعند أبي داود في حديث صحيح عن قزعة، قال: "قال لي ابن عمر: هلم أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك"، وإذا تخلى العبد عن الشيء وتركه لله واستحفظه إياه، فقد تبرأ من الحول والقوة ورفض الأسباب، فحصل له الحفظ والعصمة.وفي الحديث: تربية نبوية وإرشاد للدعاء للمسلمين في أسفارهم، وهذا مما يزيد الألفة بين الناس، ويزيل الجفاء والوحشة، ويلين القلوب القاسية المتنافرة.