باب أذكاره إذا خرج

ورويناه في كتاب الترمذي أيضا عن نافع عن ابن عمر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك " (5)
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس تعاملا مع أصحابه في كل حال، وفي هذا الحديث يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا"، أي: إذا ودع رجلا مسافرا من أصحابه عند خروجه، "أخذ بيده"، أي: أمسك بها، "فلا يدعها"، أي: لا يتركها، "حتى يكون الرجل"، أي: المسافر، "هو يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: يتركها، ويدعو له النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: "أستودع الله"، أي: أسأل الله عز وجل أن يحفظ لك: "دينك وأمانتك وآخر عملك"، وخص النبي صلى الله عليه وسلم تلك الخصال بالحفظ في السفر؛ لأن في السفر مشقة وخوفا، وهما سببان من أسباب إهمال بعض أمور الدين، والتقصير في بعض العبادات؛ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالمعونة في دينه والتوفيق فيه؛ لأنه أهم شيء، وكل خير وسعادة في الدنيا إنما تكون بسببه؛ كذلك لا يخلو سفر من الاشتغال بما يحتاج إليه من أخذ وإعطاء وعشرة، فدعا له أيضا بحفظ الأمانة وتجنب الخيانة، ثم دعا له بحسن الخاتمة؛ لتكون عاقبته مأمونة في الدنيا والآخرة، وأن تكون أعماله مختومة بخير.
وفي الحديث: إشارة إلى أن موضع الأمانة من الناس كموضع الدين منهم.