باب استحباب إعلام الرجل من يحبه أنه يحبه، وما يقوله له إذا أعلمه

وروينا في سنن أبي داود، عن أنس رضي الله عنه " أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فمر رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له " (1) .
حث الشرع على المحبة بين المسلمين جميعا؛ لما فيها من التواد والتراحم وبناء المجتمع على التآخي والترابط، والمعاني الطيبة، وفي هذا الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر به رجل، فقال: يا رسول الله، إني لأحب هذا"، أي: الرجل الذي مر، وهو أنه أحبه في الله، وفي طلب مرضاة الله عز وجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعلمته"؟، أي: هل أخبرته بذلك؟ فقال الرجل: "لا"! فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإخباره، فقال: "أعلمه"، أي: أخبره بمحبتك له، فلحقه الرجل ليدركه ويخبره كما أمره صلى الله عليه وسلم، فقال: "إني أحبك في الله"، فقال صاحبه: "أحبك الذي أحببتني له"، أي: أحبك الله تعالى الذي أحببتني لأجله ، وهذا دعاء وليس خبرا، ولكنه أخرجه مخرج الخبر الماضي تحقيقا له، وحرصا على تحققه.
وفي رواية: "ثم رجع"، أي: الرجل الثاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "فسأله النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: عما جرى بينهما أو عما أجابه به، "فأخبره بما قال"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، أي: ملحق بهم وداخل في زمرتهم، "ولك ما احتسبت"، أي: لك أجر ما احتسبت من طلب الثواب من الله.