باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

وروينا بالإسناد الحسن في سنن أبي داود، عن أبي الأزهري - ويقال: أبو زهير - الأنماري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: " بسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأخسئ شيطاني، وفك رهاني، واجعلني في الندي الأعلى ".
الندي: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء.
وروينا عن الإمام أبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي رحمه الله  في تفسير هذا الحديث قال: الندي: القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي، وجمعه: أندية.
قال: يريد بالندي الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى في كل حين، وعلى كل حال؛ في الصباح وفي المساء، وفي الاستيقاظ وإذا أخذ مضجعه للنوم
وفي هذا الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا أخذ مضجعه"، أي: أراد أن ينام بالليل وأخذ مكان النوم، قال: "بسم الله"، أي: مستعينا بالله، ومستصحبا لقدرته في حفظي، "وضعت جنبي"، أي: باسم الله وضعت بدني على الفراش، وباسم الله وضعت جنبي على حال يقويني ويمكنني من عبادته، مصاحبا لاسمه أو متبركا به، "اللهم اغفر لي ذنبي"، ولعل مقصوده صلى الله عليه وسلم من ذلك تعليم أمته التوبة من الذنوب وطلب المغفرة من الله؛ لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وناسب أن يختم يومه بسؤال الغفران؛ فيكون ختم صحيفة عمله طلب المغفرة
"وأخسئ شيطاني"، أي: ادفعه بالذلة واطرده عني، "وفك رهاني"، والرهان هو ما يجعل وثيقة في الدين، والمراد: خلص نفسي من عقال ذنوبي، وخلص رقبتي عن كل حق علي، ومن عقاب ما اقترفت من الأعمال التي لا ترضاها بالعفو عنها، أو خلصها من ثقل التكاليف بالتوفيق للإتيان بها، والرهان من الحبس؛ لأن نفس الإنسان مرهونة ومحبوسة بعملها؛ لقوله تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين} [الطور: 21]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «نفس المؤمن مرتهنة بدينه»، أي: محبوسة عن مقامها الكريم حتى يقضى عنه دينه، "واجعلني في الندي الأعلى"، أي: في المجلس الأعلى مع الملائكة المقربين.
وفي الحديث: الحث على ذكر الله على كل حال، والاستعانة به في الحفظ من الشيطان.
وفيه: بيان سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أذكاره عند النوم.