باب ما يقول إذا فرغ من الطعام

وروينا في " سنن النسائي " وكتاب ابن السني بإسناد حسن (2) ، عن عبد الرحمن بن جبير التابعي، أنه حدثه رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين أنه كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرب إليه طعام يقول: " بسم الله، فإذا فرغ من طعامه قال: اللهم أطعمت وسقيت، وأغنيت وأقنيت، وهديت وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت ".
أوتيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَكارِمَ الأخلاقِ ومَحاسِنَ الآدابِ في كُلِّ أُمورِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدِّينيَّةِ والدُّنيَويَّةِ، ومِن ذلك الأدَبُ عِندَ الأكلِ؛ فقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قُرِّبَ إليه طَعامٌ، أي: قُدِّمَ له الطَّعامُ ليَأكُلَ، يَقولُ: بسمِ اللهِ، أي: قَبلَ أن يَشرَعَ في الأكلِ يُسَمِّي اللهَ تعالى. فإذا فرَغَ، أي: انتَهى مِن طَعامِه، قال: اللَّهُمَّ أطعَمتَ وسَقَيتَ وأغنَيتَ، أي: أنتَ الذي أطعَمتَنا هذا الطَّعامَ وسَقَيتَنا وأغنَيتَنا بالإطعامِ والسَّقيِ، أو عامٌّ لكُلِّ غَناءٍ، وأقنَيتَ، أي: أعطَيتَ أصلَ المالِ فجَعَلتَ للعَبدِ قُنيةً يَقتَنيها مِن مَتاعِ الدُّنيا، وهَدَيتَ، أي: أوصَلتَ مَن شِئتَ مِنَ العِبادِ إلى طُرُقِ الرَّشادِ والفلاحِ، واجتَبَيتَ، أي: اختَرتَ مَن تَشاءُ لِما تَشاءُ؛ فلَك الحَمدُ على ما أعطَيتَ، أي جَميعِ الذي أعطَيتَه أو على جَميعِ عَطائِك مِمَّا ذُكِرَ ومِمَّا لَم يُذكَرْ؛ فأنتَ المُستَحِقُّ للحَمدِ كُلِّه.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ التَّسميةِ عِندَ بَدءِ الأكلِ. وفيه مَشروعيَّةُ حَمدِ اللهِ بَعدَ الأكلِ بما ورَدَ في هذا الحَديثِ