حدثنا حماد بن خالد، حدثنا معاوية يعني ابن صالح، عن السفر بن نسير، عن يزيد بن شريح، عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يأت أحدكم الصلاة وهو حاقن، ولا يدخل بيتا إلا بإذن، ولا يؤمن إمام قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم»
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أمَّتَه الآدابَ الحسنَةَ والأخلاقَ الجميلةَ، وحثَّ على التَّمسُّكِ بها، وحذَّر من الصِّفاتِ الذَّميمةِ التي لا تَليقُ بالمرءِ المسلِمِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "لا يَحِلُّ لامرِئٍ"، أي: يَحرُم عليه "أن يَنظُرَ"، أي: يتَطلَّعَ ويَقتَحِمَ بنَظرِه "في جَوفِ بيتِ امرِئٍ"، أي: داخِلَ بيتِ غيرِه، "حتَّى يَستَأذِنَ"، أي: يَطلُبَ الإذنَ بالدُّخولِ؛ فرُبَّما يَكونُ هُناك أشياءُ لا يَنبَغي النَّظرُ إليها مِن خُصوصيَّاتٍ، أو يَكونُ هذا النَّظرُ مُفضِيًا إلى انتِهاكِ الحرُماتِ، وكَشْفِ العَوْراتِ؛ "فإنْ نظَرَ"، أي: فإنْ نظَر إلى البَيتِ بغيرِ استِئْذانٍ مِن صاحبِ البيتِ "فقَد دخَل"، أي: كان كمَن دخَل بغيرِ إذنٍ، وصارَ مُرتكِبًا للإثمِ. أمَّا الأدَبُ الثَّاني فهُو مِن آدابِ الدُّعاءِ؛ يقولُ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ولا يَؤُمَّ قومًا"، أي: لا يَكُنْ إمامًا للنَّاسِ في الصَّلاةِ، "فيَخُصَّ"، أي: فيَقتَصِرَ ويختَصَّ "نَفْسَه بدَعوةٍ"، أي: بدُعاءٍ لنَفْسِه "دُونَهم"، أي: دونَ أن يَعُمَّهم به، قيل: المرادُ به الدُّعاءُ الَّذي يُشارِكُه فيه المأمومونَ، مِثلُ دُعاءِ القُنوتِ، "فإنْ فعَل"، أي: دَعا لنَفسِه دُونَ المأمومين، "فقد خانَهم"، أي: فقد خانَ المأمومين عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والخيانةُ مِن صِفاتِ المُنافقين. "ولا يَقومُ إلى الصَّلاةِ"، أي: لِيُؤدِّيَها "وهو حَقِنٌ"، والحاقِنُ هو الَّذي يَحبِسُ بَولَه؛ لأنَّ ذلك سوف يَشغَلُه عنِ التَّدبُّرِ في الصَّلاةِ فلا يَكونُ فيها خاشِعًا، فلا بدَّ أن يتَخلَّصَ مِن ذلك حتَّى يُقبِلَ على صَلاتِه وقَلبُه فارغٌ
وفي الحديثِ: بيانُ أهمِّيَّةِ الاستِئْذانِ
وفيه: الحثُّ على حُضورِ الصَّلاةِ بقَلبٍ فارغٍ؛ حتَّى يتَحقَّقَ الخُشوعُ