‌‌ذكر البيان بأن الإحسان إلى الأولاد قد يرتجى به النجاة من النار ودخول الجنة175

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر البيان بأن الإحسان إلى الأولاد قد يرتجى به النجاة من النار ودخول الجنة175

أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن بن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى بن عياش حدثه عن عراك بن مالك قال سمعته يحدث عمر بن عبد العزيز عن عائشة قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتاها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني حنانها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "إن الله قد أوجب لها الجنة وأعتقها بها من النار" 1

مُلاطَفةُ الأبناءِ والرَّحمةُ بِهِم وإيثارُهم على النَّفسِ، مِن أَسبابِ دُخولِ الجنَّةِ والنَّجاةِ مِن النَّارِ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها جاءتْها امرأةٌ فَقيرَةٌ مُحتاجَةٌ، تَحمِلُ ابنتَين لها تَسأَلُها شيئًا مِن الصَّدَقةِ، كما في رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ، فأعْطَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها ثلاثَ تَمَراتٍ، فأعطَتِ المرأةُ كلَّ واحدةٍ مِن بَناتِها تَمرةً، ثمَّ رفعَتِ الثَّالثَةَ إلى فَمِها؛ لتأكُلَها، فطَلَبَت ابنَتاها التَّمرَةَ الثَّالِثَةَ، فقَسَمَت المرأةُ التَّمرَةَ الَّتي كانتْ تُريدُ أنْ تَأكُلَها بينَهما، فأُعجِبَتْ عائشَةُ رَضيَ اللهُ عنها بفِعلِ المَرأةِ وإيثارِها ابنتَيها على نَفسِها، فلمَّا انصَرَفت المرأةُ وجاء النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ذَكَرتْ له عائِشَةُ رَضيَ اللهُ عنها فِعلَ المَرأةِ، فأخبَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ جَزى تلكَ المرأةَ الجنَّةَ، أو أنَّه تَعالَى لم يُدخِلْها النَّارَ؛ بحُسنِ صَنيعِها وشَفقتِها على ابنتَيها، وإيثارِها لهما، وفي رِوايةٍ أُخرى في الصَّحيحينِ: فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن ابتُلِيَ مِن البناتِ بشَيءٍ، فأحسَنَ إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا مِن النَّارِ».
وفي الحديثِ: أنَّ القليلَ لا يُمتنَعُ التَّصدُّقُ به لِحقارتِه، بلْ يَنْبغي للمُتصدِّقِ أنْ يَتصدَّقَ بما تَيسَّرَ له قلَّ أو كَثُر.