مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم242
مسند احمد

حدثنا يونس، وعفان، قالا: حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن علي بن زيد، قال عفان: أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، أن رجلا أتى عمر، فقال: امرأة جاءت تبايعه، فأدخلتها الدولج، فأصبت منها ما دون الجماع، فقال: ويحك لعلها مغيب في سبيل الله؟ قال: أجل، قال: فائت أبا بكر، فاسأله، قال: فأتاه فسأله فقال: لعلها مغيب في سبيل الله؟ قال: فقال مثل قول عمر، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له مثل ذلك، قال: " فلعلها مغيب في سبيل الله؟ "، ونزل القرآن: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114] إلى آخر الآية، فقال: يا رسول الله، ألي خاصة، أم للناس عامة؟ فضرب عمر صدره بيده، فقال: لا ولا نعمة عين، بل للناس عامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدق عمر " (1)
مِنَ الوَسائِلِ التي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ: أنْ يَحرِصَ على مُضاعَفةِ الأعمالِ الصَّالِحةِ وتَكثيرِها؛ حتى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن هذه الوَسائِلِ التي تُكفِّرُ السَّيِّئاتِ الصَّلاةُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امرأةً لا تَحِلُّ له، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبَرَه بما جَرَى، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، أيْ: أقمِ الصَّلاةَ المفروضةَ في أوَّلِ النَّهارِ وآخرِه، وهي: صلاةُ الفجرِ والظُّهرِ والعصرِ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}، أيْ: وأقِمِ الصَّلاةَ أيضًا في ساعاتٍ مِن الليلِ، وهي صلاةُ المغربِ والعشاءِ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}: إنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ مِن الصَّلاةِ وغَيرِها تُكفِّرُ صَغائرَ الذُّنوبِ، فسَأَلَ الرَّجُلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هل الحُكمُ خاصٌّ بي وَحدي؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لِجَميعِ أُمَّتي كُلِّهم.
وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ تَأكيدٍ؛ لِيَشمَلَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لهم، وأنتَ منهم.وهذا التَّكفيرُ للذُّنوبِ خاصٌّ بالصَّغائِرِ، أمَّا الكَبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، بشُروطِها.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَدى رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، وأنَّه يَقبَلُ التائِبينَ.