باب الدعاء عند تحنيك الطفل

وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: " حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، فأتيت المدينة فنزلت قباء، فولدت بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شئ دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له وبارك عليه ".
وفي هذا الحديث تخبر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أنها هاجرت إلى المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حامل بعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وكانت متما، أي: قد أتمت شهور الحمل، وتنتظر الولادة، فنزلت بقباء في المدينة، فوضعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وقباء: قرية على بعد ميلين أو ثلاثة من المدينة، نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المدينة النبوية في الهجرة، وبنى فيها مسجده الشهير مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام
فأتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا بتمرة، فمضغها، ثم تفل صلى الله عليه وسلم -أي: بصق- في فمه، فكان أول شيء دخل جوف عبد الله بن الزبير ريق النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، والتحنيك هو: أن يضع من حلاوة التمرة بعد مضغها شيئا من هذا الريق في حنك الصبي، وهو سنة عنه صلى الله عليه وسلم للمولود، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة، وهي النماء والزيادة في الخير، فكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أول مولود في الإسلام، أي: كان أول من ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة النبوية بعد الهجرة من مكة إلى المدينة، وقد فرح المسلمون به فرحا شديدا؛ لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم؛ فلا يولد لكم؛ فأبطل هذا الأمر بميلاد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
وفي الحديث: فضائل ظاهرة لعبد الله بن الزبير، وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم.
وفيه: مشروعية تحنيك المولود، والدعاء له.