باب ما يقوله زائر القبور

باب ما يقوله زائر القبور

روينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ".
وروينا في " صحيح مسلم " عن عائشة أيضا، أنها قالت: كيف أقول يا رسول الله؟ - تعني في زيارة القبور - قال: قولي: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منكم ومنا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ".

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيارة المقابر؛ لأنها تذكر الآخرة، وبين لأمته بقوله وفعله الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الزائر، ومن أهمها السلام على الأموات والدعاء لهم
وفي هذا الحديث تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلما كانت ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: إذا بات عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، "يخرج في آخر الليل"، أي: إنه يخرج كل ليلة من ليالي عائشة، وقيل: إن هذا كان في آخر عمره بعد حجة الوداع، "إلى البقيع"، أي: يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد، وهي المقبرة المعروفة التي يدفن بها أهل المدينة موتاهم، "فيقول" رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يصل إلى البقيع: "السلام عليكم"، أي: الله يرعاكم ويحفظكم، ونحو ذلك، وقيل: أي: بالسلامة من كل آفة، وقيل: سلم عليهم؛ ليحصل لهم ثواب التحية وبركتها، "دار"، أي: مقابر؛ لأنها منزل الأموات، "قوم مؤمنين"، آمنوا بالله سبحانه وتعالى، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وباليوم الآخر، وبما يجب الإيمان به، وهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالإيمان، "وإنا وإياكم"، أي: إن كلا منا ومنكم، "متواعدون غدا"، أي: تواعدنا أن نلتقي غدا يوم القيامة عند الله تعالى، "أو"، والشك من الراوي، "مواكلون"، أي: متكل بعضنا على بعض في الشهادة عند الله والشفاعة.
وفي رواية أخرى: "وإنا أو إياكم مواعدون غدا، ومؤجلون"، ولفظ مسلم: "وأتاكم ما توعدون غدا، مؤجلون"؛ فيكون التواعد باللقاء مؤجلا ليوم القيامة، "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، أي: نلحق بكم في الموت، والاستثناء بقوله: "إن شاء الله" على سبيل التبرك، "اللهم اغفر" الذنوب وكفرها "لأهل بقيع الغرقد"، والبقيع مدفن أهل المدينة؛ سمي بقيع الغرقد؛ لغرقد كان فيه، والغرقد نبات وشجر.
وفي الحديث: فضيلة الدعاء آخر الليل.
وفيه: زيارة قبور البقيع والدعاء لأهله.
وفيه: مشروعية السلام على الأموات بقول: السلام عليكم، كما هو على الأحياء .