حديث أبي الدرداء 3

مسند احمد

حديث أبي الدرداء 3

حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن حسان القردوسي، عن قيس بن سعد، عن رجل، حدثه عن أبي الدرداء، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إعطاء السلطان، قال: «ما آتاك الله منه من غير مسألة ولا إشراف، فخذه وتموله» قال: وقال الحسن، رحمه الله: «لا بأس بها ما لم ترحل إليها، أو تشرف لها»

كُلُّ ما يَصِلُ إلينا من خيرٍ ونعمةٍ هو من رِزقِ اللهِ، سواءٌ اكتَسَبْناه بأيدينا أو جادَ به أحَدٌ علينا، ومع ذلك فقد حَثَّ الشَّرعُ على التعفُّفِ وعَدَمِ سُؤالِ الناسِ، وأرشَدَ إلى سُؤالِ اللهِ في كُلِّ صَغيرةٍ أو كَبيرةٍ

وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن آتاه اللهُ من هذا المالِ شيئًا"، يعني: الحلالَ أو الطَّعامَ أو نحوَ ذلك بقصْدِ الصَّدَقةِ أو الهديَّةِ أو الهِبَةِ، "من غيرِ أنْ يسأَلَه"، يعني: من غيرِ طَلَبٍ ولا تطلُّعٍ لذلك المالِ، "فلْيَقبَلْه"، بمعنى: فلْيَأخُذْه ولا يَرُدَّه، "فإنَّما هو رِزقٌ ساقَه اللهُ إليه"، على يَدِ عبدٍ من عبادِ اللهِ؛ ليُوسِّعَ على نفسِه به، أو يتصدَّقَ به إنْ أحَبَّ؛ ولأنَّ في قَبولِه له دوامَ المحبَّةِ والعَطاءِ ممَّن يفعَلُ هذا الخيرَ. وهذا من التَّربيةِ النَّبويةِ على التوازُنِ في الأخلاقِ والمعاملاتِ، بحيثُ يكونُ المُسلِمُ عفيفًا لا يطلُبُ من الناسِ ولا يسأَلُهم، وفي نفسِ الوقتِ يكونُ مُتحابًّا مع إخوانِه يَقبَلُ منهم ويُعطيهم