حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا حيوة، أخبرني عياش بن عباس، أن أبا النضر، حدثه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، أن أسامة بن زيد، أخبر والده سعد بن مالك قال: فقال له: إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعزل عن امرأتي. قال: «لم؟» قال: شفقا على ولدها، أو على أولادها، فقال: «إن كان لذلك فلا، ما ضار ذلك فارس ولا الروم»
لقد حرَصَ الإسلامُ على سَلامةِ المسلِمين، وأرشَدَهم إلى ما فيه حُسنُ الاهتمامِ بالأطفالِ، ومِن ذلك الحثُّ على حُسنِ الرَّضاعةِ
وفي هَذا الحَديثِ يَرْوي أُسامةُ بنُ زَيدٍ رَضِي اللهُ عنه أنَّ رجلًا جاءَ إِلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فَقال: «إنِّي أَعزِلُ عنِ امرأَتِي»، والعَزلُ يكونُ بنَزْعِ الذَّكَرِ مِن فَرْجِ المَرْأةِ قبْلَ الإنْزالِ، ويُنزِلُ الرَّجلُ خارِجَ الفَرْجِ؛ مَنعًا لحُدوثِ الحَمْلِ، فسَألَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: لأيِّ سَببٍ تَفعَلُ ذلكَ الفِعلَ؟ فَقال الرَّجلُ: «أُشفِقُ»، أي: أَخافُ «عَلى وَلدِها» الَّذي يَرضَعُ منها؛ لأنَّها إذا حَمَلتْ فَسَدَ اللَّبنُ، فيَفْسُدُ جِسمُ الصَّبيِّ ويَضعُفُ، أو يَقصِدُ ما اشتَهَر عندَ العربِ أنَّ الجِماعَ يضُرُّ باللَّبنِ، وأنَّ ذلك اللَّبنَ يكونُ داءً إذا شَرِبه الولدُ اعتَلَّ، فخاف عليه الهُزالَ والاعتلالَ، فَقال لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «لو كان ذلكَ ضارًّا» الجِماعُ أو حمْلُ المرأةِ حالَ الإِرضاعِ، «ضَرَّ فارسَ والرُّومَ»، فنِساءُ الفُرسِ والرُّومِ تُرضِعُ أَولادَهنَّ في حالِ الحَملِ، فَلوْ كانَ الحَملُ أو الجِماعُ حالَ الإرضاعِ مُضِرًّا لأَضَرَّ أَولادَهنَّ، ولكنَّ الواقعَ يُكذِّبُ ذلك؛ فإنَّهم لا يَحتَرِزون مِن هَذا وأَبناؤُهم حِسانٌ، فأنتم مِثلُهم في ذلك