مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه 9
مسند احمد

حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال حدثنا حيوة بن شريح، قال سمعت عبد الملك بن الحارث، يقول إن أبا هريرة، قال [ص:189]: سمعت أبا بكر الصديق على هذا المنبر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم من عام الأول ثم استعبر أبو بكر وبكى، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لم تؤتوا شيئا بعد كلمة الإخلاص مثل العافية، فاسألوا الله العافية»
الدُّعاءُ سِلاحُ المُؤمِنِ، يَلجَأُ فيه العَبدُ إلى اللهِ تَعالى في كُلِّ وقتٍ وحينٍ، وقد أمَرَ اللهُ تَعالى بدُعائِه، ووعَدَ باستِجابةِ الدُّعاءِ، فقال سُبحانَه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ} [غافر: 60]، فيُشرَعُ للمُسلمِ أن يَدعوَ اللَّهَ تَعالى بما أحَبَّ مِن خَيرَي الدُّنيا والآخِرةِ، ومِن أعظَمِ الطَّلَبِ والسُّؤالِ أن يَسألَ العَبدُ رَبَّه العافيةَ؛
ففي الحَديثِ أنَّ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ رَضيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا اليَومِ مِن عامِ الأوَّلِ، أي: عامِ الزَّمانِ الأوَّلِ، والمُرادُ به العامُ السَّابقُ على هذا العامِ، ثُمَّ استَعبَرَ أبو بَكرٍ، أي: دَمَعَ وبَكى، ثُمَّ قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: لَم تُؤتَوا، أي: تُعطَوا شَيئًا بَعدَ كَلمةِ الإخلاصِ، وهيَ كَلمةُ التَّوحيدِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مِثلَ العافيةِ؛ فاسألوا اللَّهَ العافيةَ، أي: اطلُبوا مِنَ اللهِ أن يَرزُقَكُمُ العافيةَ، وهيَ السَّلامةُ مِنَ الشَّدائِدِ والبَلايا والمَكارِه الدُّنيَويَّةِ والأُخرَويَّةِ. وقيلَ: هيَ: أن تَسلَمَ مِنَ الأسقامِ والبَلايا، وهيَ الصِّحَّةُ ضِدُّ المَرَضِ
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ سُؤالِ اللهِ العافيةَ
وفيه أهَمِّيَّةُ ومَكانةُ كَلمةِ الإخلاصِ
وفيه: فَضيلةُ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، وحُسنُ تَدْبيرِهما للأُمورِ