باب تحريم الخلوة بالأجنبية 3
بطاقات دعوية

وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، ما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى» ثم التفت إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ما ظنكم؟». رواه مسلم. (1)
لقد اهتم الإسلام اهتماما عظيما بحماية نساء المجاهدين والحفاظ عليهن؛ لعظيم حرمتهن، وعظيم حق أزواجهم، وذلك أيضا مما يعين على الجهاد في سبيل الله؛ لأن المجاهد سيأمن على من يترك من زوجة وأبناء
وفي هذا الحديث يشدد النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة الذين خرجوا إلى الجهاد والغزو في نسائهم، ويشمل ذلك زوجاتهم، وأمهاتهم، وأخواتهم، وبناتهم، ويغلظ من شأن النيل منهن أو انتهاك حرمتهن في غياب رجالهن، وجعل حرمة جميع نساء المجاهدين الغائبين على الرجال القاعدين كحرمة أمهات الرجال الذين لم يخرجوا للجهاد من أصحاب الأعذار، أو كان الجهاد فرض كفاية مما يجوز فيه التخلف والقعود، وهذه الحرمة أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم لما قد يتعرض له القاعد من الدخول عليهن لقضاء حوائجهن والقيام على شؤونهن، فأكد حرمة نساء المجاهدين في التعرض لهن بريبة أو فساد، كما أكد على ضرورة القيام بقضاء حوائجهن ورعاية أمورهن، كما يرعى الإنسان حرمة أمه ويقوم على قضاء حوائجها، ففيه بيان عظم إثم من خان المجاهد في أهله ونسائه وخلفه فيهم بشر
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن من يخلف المجاهدين في أهلهم بالشر، فإنه يأتي يوم القيامة ويقف له هذا المجاهد، فيأخذ من حسنات عمل الخائن ما شاء، سواء أخذ كل أو بعض حسناته.
قال بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: «فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم»؛ وذلك لجذب انتباه السامع بالالتفات إليه لبيان أهمية الكلام وخطورته. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن عنده: «فما ظنكم» في ذلك المجاهد؟ هل تظنون أنه يترك من حسنات عمل الخائن شيئا إلا أخذه في مقابلة ما شاء من عمله بالنسبة إلى أهل الغازي، لا سيما مع شدة الاحتياج للحسنات في ذلك اليوم؟ فيكون مصير الخائن إلى النار، أو قد يكون المعنى: فما ظنكم بالله عز وجل وماذا يصنع مع هذا الخائن من مجازاته بالعذاب الشديد، وهل تشكون في هذه المجازاة، أم لا؟ يعني: فإذا علمتم صدق ما أقول، فاحذروا من الخيانة في نساء المجاهدين، وفي هذا من الوعيد والزجر والتهديد ما فيه
وفي الحديث: إثبات المجازاة بين العباد في المظالم يوم القيامة، فيأخذ المظلوم من حسنات ظالمه بدل حقه