مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 217
مسند أحمد

حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل، عن محمد بن عبيد الله، عن أبيه، عن عمه، قال: قال علي وسئل: يركب الرجل هديه؟ فقال: لا بأس به قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه، هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تتبعون شيئا أفضل من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم " (1)
الحَجُّ فريضةٌ مِن فرائِضِ الدِّينِ، شَرَعَها اللهُ تعالى لحِكَمٍ عَظيمةٍ، وقد بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صِفةَ الحَجِّ بَيانًا كامِلًا بقَولِه وفِعلِه، وقال: خُذوا عنِّي مَناسِكَكُم، وإذا ذَهَبَ الحاجُّ للحَجِّ ومَعَه هَديٌ، وهو ما يَأخُذُه الحاجُّ مَعَه مِن بَهيمةِ الأنعامِ، فإنَّه يُشرَعُ له أن يَركَبَ هذا الهَديَ حَتَّى يوصِلَه إلى مَكَّةَ، وليس هناكَ مانِعٌ مِن رُكوبِه لكَونِه هَدْيًا؛
ولهذا لمَّا رَأى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلًا يَسوقُ بَدَنةً، فقال له: اركَبْها. فقال الرَّجُلُ: إنَّها بَدَنةٌ! فقال: اركَبْها. قال: إنَّها بَدَنةٌ! قال: اركَبْها وَيْلَك! ولهذا لمَّا سُئِلَ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه عَنِ الرَّجُلِ يَركَبُ هَدْيَه؟ فقال: لا بَأسَ به، قد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمُرُّ بالرِّجالِ يَمشونَ فيَأمُرُهم يَركَبونَ هَدْيَه، أي: جَمَلَه الذي جَعَلَه هَديًا للكَعبةِ؛ هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: يَأمُرُهم أن يَركَبوا الهَديَ الذي ساقَه مَعَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ثُمَّ قال عليٌ: ولا تَتَّبِعونَ شَيئًا أفضَلَ مِن سُنَّةِ نَبيّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: أنَّ خَيرَ الهَديِ والأحَقَّ بالاتِّباعِ هو سُنَّةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا يَنبَغي التَّشَدُّدُ والتَّكَلُّفُ في عَدَمِ رُكوبِ الهَديِ. والمَعنى: أنَّه يَحُثُّهم على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولًا وفِعلًا؛ فإنَّها أفضَلُ ما يُتَّبَعُ
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ رُكوبِ الهَديِ
وفيه فَضلُ اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه فِقهُ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه