‌‌‌‌باب" حديث "لو أن الله عذب أهل سمواته وأرضه...."146

السنة لابن ابي عاصم

‌‌‌‌باب" حديث "لو أن الله عذب أهل سمواته وأرضه...."146

ثنا هشام بن عمار ثنا سليمان بن عتبة أبو الربيع السلمي قال سمعت يونس بن علبس يحدث عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه"

 الإيمانُ بالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ مِن أركانِ الإيمانِ العَظيمةِ وأُصولِ الدِّينِ القَويمةِ.

 وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ العَبدَ لا يَبلُغُ حَقيقةَ الإيمانِ"، أي: لا يَصِلُ إلى حَقيقةِ الإيمانِ الصَّحيحِ الكامِلِ، "حتى يَعلَمَ أنَّ ما أصابَهُ لم يكُنْ لِيُخطِئَهُ"، أي: حتَّى يَعلَمَ أنَّ ما أصابَهُ مِن القَدَرِ سواءً بالنِّعَمِ أو البَلايا لم يَكُنْ لِيَحيدَ عنه أبدًا، ولا لِيُجاوِزَهُ أبدًا، وأنَّ ما كتَبَهُ اللهُ له أو عليه مِن النِّعْمةِ أو البَلايا سوف يَراهُ لا مَحالةَ، ولا مَهرَبَ منه أبَدًا، "وأنَّ ما أخطَأَهُ لم يَكُنْ لِيُصيبَهُ"، أي: وحتَّى يَعلَمَ أيضًا أنَّ القدَرَ الَّذي لم يُصِبْهُ وتجاوزَهُ وتخطَّاهُ لم يَكُن له أنْ يُصيبَهُ أبدًا، فما لَم يُكتَبْ له أو عليه لَن يأتِيَهُ أبدًا لا مَحالةَ؛ فلا فِرارَ مِن القَدَرِ، ولا فِرارَ ممَّا قَضَى اللهُ على عَبدِه، سواءً كان خَيرًا أو شرًّا. والقَدَرُ هو ما قدَّرهُ اللهُ على عِبادِهِ وقَضاهُ لهم، فهو ما اختارَهُ اللهُ لكلِّ عَبدٍ، وما شاءَهُ له، وقد دلَّ القُرآنُ الكَريمُ والسُّنَّةُ الصَّحيحةُ على وُجوبِ الإيمانِ بالقَدَرِ، وأنَّ الأُمورَ تَجْري بقَدَرِ اللهِ تَعالى، وعلى أنَّ اللهَ تَعالى عَلِمَ الأشياءَ وكتَبَها وقدَّرَها في الأزَلِ، وأنَّها ستَقَعُ على وَفْقِ ما قدَّره اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى، كما قال عزَّ وجلَّ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] .