"‌‌باب: في العزل وما أراد الله كونه كونه"214

السنة لابن ابي عاصم

"‌‌باب: في العزل وما أراد الله كونه كونه"214

حدثنا الحسن بن علي ثنا زبو عاصم ثنا مبارك الخياط عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك. أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرق على صخرة لأخرج الله منها الولد. وليخلقن الله نفسا هو خالقها"

من مَقاصِدِ الزَّواجِ وُجودُ النَّسلِ والذُّرِّيَّةِ، فقد رَغَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالزَّواجِ منَ المَرأةِ الولودِ وأنَّه يُباهي بكَثرةِ هذه الأمَّةِ الأمَمَ يَومَ القيامةِ، ومَعَ ذلك فقد يَستَخدِمُ بَعضُ النَّاسِ بَعضَ المَوانِع لمَنعِ النَّسلِ، كالعَزلِ، وهو أنَّ الرَّجُلَ يجامِعُ زَوجَتَه حَتَّى إذا قارَبَ الإنزالَ نَزَعَ ذَكَرَه وأمنى خارِجَ الفَرجِ، وهذا الأمرُ لا يَرُدُّ مِمَّا يُقدِّرُه اللهُ تعالى ويَقضيه؛ ولهذا لمَّا جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألُه عن العَزلِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: لَو أنَّ الماءَ، أي: المَنيَّ الذي يَكونُ مِنه الولَدُ، أهرقتَه، أي: صَبَبْتَه وألقَيتَه على صَخرٍة، لأخرَجَ اللَّهُ تعالى مِنها ولَدًا. وهذا مُبالَغةٌ في أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ لَو أرادَ شَيئًا لَكان ولَو على خِلافِ العادةِ، ويَحتَمِلُ الحَقيقةَ وأنَّه تعالى كما أوجَدَ آدَمَ مِن تُرابٍ يوجِدُ ما شاءَ مِمَّا يَشاءُ، وليَخلُقَنَّ اللَّهُ نَفسًا هو خالِقُها، أي: سَواءٌ عَزَلَ المَجامِعُ أم لا، والمَعنى: أنَّ اللَّهَ تعالى إذا قَضى إيجادَ نَفسٍ أو أرادَ خَلقَ شَيءٍ لَم يَمنَعْه شَيءٌ؛ فإنَّ ذلك سيَكونُ وإن عَمِلَ الإنسانُ ما عَمِلَ، فإرادةُ اللهِ تعالى فوقَ كُلِّ شَيءٍ. وفي حُكمِ العَزلِ خِلافٌ مَحَلُّه كُتُبُ الفِقهِ.
وفي الحَديثِ بَيان قُدرة اللهِ تعالى على كُلِّ شَيء.
وفيه أنَّ العَزلَ إنَّما هو سَبَبٌ قد يَنفعُ وقد لا يَنفعُ .