"باب ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما تعلمون في أمر قد فرغ منه".

"باب ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما تعلمون في أمر قد فرغ منه".

ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن طاوس، عن سراقة بن مالك، قال: قلت: يا رسول الله أنعمل لأمر قد فرغ منه، أم نستأنف العمل؟ قال: «نعمل لشيء قد فرغ منه» . قلت: يا رسول الله ففيم العمل؟ قال: «كل ميسر له عمله» . قال: فالآن نجد، الآن نجد، الآن نجد.

من أركان الإيمان أن يؤمن العبد بقضاء الله تعالى وقدره، وأن يعلم أن الله سبحانه تعالى خلقه، وخلق ما يفعله، وجعل له إرادة ومشيئة تابعة لإرادة الله سبحانه وتعالى ومشيئته
وفي هذا الحديث يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لما نزلت هذه الآية"، أي: عندما أنزلها الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي قوله جل في علاه: "{فمنهم}"، أي: من الخلق، "{شقي وسعيد}"، أي: إن كل إنسان مكتوب أنه شقي أو سعيد من الأزل؛ فالأشقياء هم الذين كفروا بالله، وكذبوا رسله، وعصوا أمره، والسعداء هم المؤمنون المتقون، قال عمر بن الخطاب: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم" سؤال استرشاد وتعليم، "عن هذه الآية"، وهي قول الله تعالى: {فمنهم شقي وسعيد} [هود: 105]، "فقلت"، أي: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، "فعلى ما نعمل؟"، أي: لماذا نعمل وقد كتب الله سبحانه وتعالى السعداء والأشقياء من الأزل؟ "هل نعمل"، أي: هل هذا العمل الذي نعمله يكون "على شيء قد فرغ منه"، أي: فرغ الله سبحانه وتعالى من كتابته وتقديره، "أو" نعمل على شيء "لم يفرغ منه؟" ولم ينته منه، ولم يكتبه الله تعالى ولم يقدره، "قال" رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبا على سؤال عمر رضي الله عنه: "بل على شيء قد فرغ منه"، أي: إن العمل على شيء قد قدره الله تعالى، وكتبه في لوحه المحفوظ، "وجرت به الأقلام"، أي: كتبته الأقلام في اللوح المحفوظ، فهو لا يتبدل ولا يتغير إلى يوم القيامة، يا عمر، "ولكن" لا بد من العمل؛ لأنه "كل ميسر لما خلق له"، أي: مهيأ، وموفق لما خلقه الله لأجله، قابل له بطبعه، فهيأ الخير لأصحاب السعادة، وهيأ لهم أسبابه، وهيأ الشر لأصحاب الشقاء، وهيأ لهم أسبابه
وفي الحديث: الإيمان بقدر الله تعالى ، والحث على العمل وترك الاتكال على القدر