"باب: ما ذكر من رؤية نبينا ربه تبارك وتعالى في منامه"273
السنةلابن ابى عاصم

ثنا أبو بكر ثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأى في نومه وفي يقظته فهو حق
الرؤيا لا حقيقة لها أصلًا، كما ذكر أنه شذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس حقيقة، كما ذكر أن بعض المتكلمين يقول: هي مدركة بعينين في القلب، وأن معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: فسيراني. أنه سيرى تفسير ما رأى؛ لأنه حق، وقيل: معناه: فسيراني يوم القيامة، وقد علق الإمام ابن حجر على القول الأخير بأنه لا فائدة من هذا التخصيص -أي تخصيص الرائي برؤية الرسول-؛ لأن الجميع سيرونه يوم القيامة حيث يستوي فيه من رآه في المنام وغيره، وأن معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: فكأنما رآني. في بعض الروايات أنه تشبيه ومعناه أنه لو رآه في اليقظة لطابق ذلك ما رآه في المنام بمعنى أن تكون الرؤيا في الأول حقًّا وحقيقة، وفي الثاني حقًّا ومثالًا.
أن رؤية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة ممكنةٌ وليست مستحيلةً؛ فالله على كل شيءٍ قدير، غير أنه لا بد هنا من التنبيه إلى أن المرئي هو نوره صلى الله عليه وآله وسلم متمثلًا في جسده الشريف بحيث يظن الرائي أنه الجسم الشريف؛ لغلبة الحال وليس هو حقيقة، أما ما يقوله بعض الصالحين من أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة على حقيقته بجسده الشريف وبدنه بعد أن رآه في المنام فيجب الالتفات عنه؛ لما ذكره الحافظ ابن حجر من أن ذلك لو وقع لأثبت الصحبة للرائي، ولكان باب الصحبة مفتوحًا إلى يوم القيامة، وهذا غير جائزٍ ولم يَقُل به أحد.