باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ".
وفي رواية: " ينفضه ثلاث مرات ".
وفي رواية للبخاري: «فلينفضه بصنفة ثوبه»، أي: بطرفه، ولو فعل ذلك بغير طرف ثوبه حصل المقصود.
ثم بين سبب النفض بأنه لا يدري ما جاء بعده وأعقبه في الفراش، كقذر أو هوام، خاصة وأن البيوت حينئذ كانت مظلمة، ولم يكن فيها المصابيح ليروا ما بالفراش، وليس عند الناس فسحة وسعة في الثياب، وأيضا لم يكن البيت محكم الغلق ضد الآفات وغيرها؛ فأمر بنفض الفراش بداخلة الإزار لئلا تؤذيه الهوام.
ثم بعد أن ينظف الفراش يدعو بهذا الدعاء؛ يقول: «باسمك ربي»، أي: مستعينا باسمك يا ربي، «وضعت جنبي، وبك أرفعه»، أي: بإقدارك إياي على وضع جنبي وضعته، وبإقدارك إياي على رفعه أرفعه، كما أنه بقدرتك وإحيائك إياي أحيا، وبإماتتك إياي أموت، فلا حول لي ولا قوة إلا بك، وقد عبر بالوضع والرفع في الحديث عن النوم والاستيقاظ منه. «إن أمسكت نفسي» فقبضت روحي في منامي، فاجعلني في رحمتك ومغفرتك «وإن أرسلتها» ولم تقض عليها الموت وقامت من منامها لمعاشها، «فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» بأن تجعلني من أهل الطاعة والصلاح، ومن أهم أنواع حفظ نفس المؤمن الصالح: عصمتها عن المعاصي والذنوب، وهذا من اتخاذ الأسباب المادية والشرعية لحماية النفس من مخاطر المخلوقات وغيرها حين نومه وغفلته عما هو حوله، فيكون في رعاية الله وحده.