باب ما يقول عند الإفطار

باب ما يقول عند الإفطار

روينا في سنن أبي داود، والنسائي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: " ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى " (2) .
قلت: الظمأ مهموز الآخر مقصور: وهو العطش.
قال الله تعالى: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ) [التوبة: 120] وإنما ذكرت هذا وإن كان ظاهرا، لأني رأيت من اشتبه عليه فتوهمه ممدودا.

في هذا الحديث يخبر مروان بن سالم أحد التابعين أنه رأى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف"، أي: يجعل طول لحيته بطول قبضة يده، فما زاد من شعر عن تلك القبضة قصه وأزاله، وهذا من فهم ابن عمر لكيفية إطلاق اللحية مع تهذيبها
ثم ذكر الراوي رواية أخرى عن ابن عمر أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر"، أي: من صومه "قال" أي بعد الإفطار: "ذهب الظمأ"، أي: ذهب العطش بشرب الماء وغيره، وفي هذا إشارة إلى أن العطش يكون أشد على الصائم من الجوع، خاصة في الحر الذي هو سمة بلاد الحجاز، فالفرح بزوال العطش مقدم على الفرح بزوال الجوع، "وابتلت العروق"، أي: وابتلت أوردة الجسم التي يبست من شدة العطش، "وثبت الأجر إن شاء الله"، أي: داعيا وراجيا الله عز وجل أن ينال بصومه وتعبه الأجر والثواب على عبادته، وهذا تحريض على العبادة والمعاودة فيها، فقد زال التعب وبقي الأجر بمشيئة الله.
وهذا أيضا استبشار من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن من فاز ببغيته ونال مطلوبه بعد التعب والنصب، فحق له أن يستبشر بوعد الله بالأجر والثواب.