باب ما يقوله بعد صلاة المغرب

باب ما يقوله بعد صلاة المغرب

وروينا في كتاب الترمذي، عن عمارة بن شبيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير عشر مرات على أثر المغرب، بعث الله تعالى له مسلحة يتكفلونه (2) من الشيطان حتى يصبح، وكتب الله له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات ".
قال الترمذي: لا نعرف لعمارة بن شبيب سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وقد رواه النسائي في كتاب " عمل اليوم والليلة " من طريقين.
أحدهما: هكذا، والثاني عن عمارة عن رجل من الأنصار.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: هذا الثاني هو الصواب.
قلت: قوله: " مسلحة " بفتح الميم وإسكان السين المهملة وفتح اللام وبالحاء المهملة: وهم الحرس.

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُرغِّبُ في ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَحثُّ عليه؛ لِمَا له من عَظيمٍ الفَضلِ والأجر

 وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "مَن قال إذا أصْبَحَ"، أي: مَن داوَمَ وحافَظَ كلَّ صَباحٍ على قوْلِ: "لا إلَهَ إلَّا اللهُ، وحْده لا شَريكَ له" أي: مَن ذَكَر اللهَ فشَهِدَ أنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلَّا هو، وأقرَّ أنَّه لا شَريكَ له في مُلكِه ولا عِبادتِه، و"له المُلْكُ" أي: مُلكُ السَّمواتِ والأرضِ وما فِيهنَّ، "وله الحمْدُ" أي: الثناءُ بكُلِّ ما هو جميلٌ ويَليقُ بذاتِه سُبحانَه، "وهو على كلِّ شيْءٍ قديرٌ"، أي: وأقرَّ بقُدرةِ اللهِ تعالى على كلِّ شيءٍ، "كان له"، أي: كان أجْرُه وثوابُه، "عِدْلَ"، أي: مِثلَ، "رقَبَةٍ من ولَدِ إسْماعيلَ"، أي: مِثلَ أجْرِ مَن أعْتَقَ نفْسًا من نسْلِ نبيِّ اللهِ إسْماعيلَ عليهِ السَّلامُ، وخُصَّ ولدُ إسماعيلَ بالذِّكرِ؛ لأنَّهم مِن أَنفسِ الرِّقابِ، "وكُتِبَ له عشْرُ حسَناتٍ"، أي: أخَذَ أجْرَ وثوابَ عشْرِ حسَناتٍ، "وحُطَّ"، أي: غُفِرَ وَمُحِيَ، "عنه عشْرُ سيِّئاتٍ"، أي: غفَرَ اللهُ له عشْرَ سيِّئاتٍ قد ارْتكَبها، "ورُفِعَ له عشْرُ درَجاتٍ"، أي: ارْتفَعَ في منزلَتِه في الجنَّةِ بمِقْدارِ عشْرِ درَجاتٍ، "وكان في حِرْزٍ"، أي: في حِصْنٍ ومَناعَةٍ منَ الشَّيطانِ حتَّى يَدْخلَ عليهِ وقتُ المَساءِ؛ وذلك إذا قالَها حين يُصبِحُ، "فإنْ قالَها إذا أمْسَى" أي: حين يُمْسي "كان له مِثلُ ذلك" أي: بمِثلِ الأجرِ والثَّوابِ الذي تَقدَّمَ، وكان في حِفْظٍ ومَناعَةٍ منَ الشَّيطانِ "حين يُصبِحُ"، أي: حتَّى يدخُلَ عليهِ وقتُ الصَّباحِ.

وفي الحديثِ: أنَّ ذِكرَ اللهِ تعالى أفضلُ مِن العِتقِ والصَّدقةِ.

وفيه: إشارةٌ إلى أفضليةِ وُلدِ إسماعيلَ عليه السَّلامُ .