باب ما يقوله من بلي بالوسوسة

باب ما يقوله من بلي بالوسوسة

وروينا في " سنن أبي داود " بإسناد جيد، عن أبي زميل، قال: قلت لابن عباس: ما شئ أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، فقال لي: أشئ من شك؟ وضحك وقال: ما نجا منه أحد حتى أنزل الله تعالى: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك..) الآية، [يونس: 94] فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئا، فقل: (هو الأول، والآخر، والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم) (2) .
وروينا بإسنادنا الصحيح، في رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله ; عن أحمد بن عطاء الروذباري السيد الجليل رضي الله عنه، قال: كان لي استقصاء في أمر الطهارة، وضاق صدري ليلة لكثرة ما صببت من الماء ولم يسكن قلبي، فقلت: يا رب عفوك عفوك، فسمعت هاتفا يقول: العفو في العلم، فزال عني ذلك.
وقال بعض العلماء: يستحب قول: " لا إله إلا الله " لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء، أفي الصلاة أو شبههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس، أي تأخر وبعد، و " لا إله إلا الله " رأس الذكر ولذلك اختار السادة الأجلة من صفوة هذه الأمة أهل تربية السالكين، وتأديب المريدين، قول: " لا إله إلا الله "، لأهل الخلوة، وأمروهم بالمداومة عليها، وقالوا: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه.
وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري - بفتح الراء وكسرها - شكوت إلى أبي سليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأي وقت أحسست به فافرح، فإنك إذا فرحت به انقطع عنك، لأنه ليس شئ أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك قلت: وهذا مما يؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خربا.