حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم 24

مسند احمد

حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم 24

 حدثنا يونس، وعفان، قالا: حدثنا عبد الواحد يعني ابن زياد، قال: حدثنا عثمان بن حكيم، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، قال عفان، في حديثه قال: حدثنا عبد الرحمن بن شيبة، قال: سمعت أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ قالت: فلم يرعني منه يوما إلا ونداؤه على المنبر: «يا أيها الناس» . قالت: وأنا أسرح رأسي، فلففت شعري، ثم دنوت من الباب، فجعلت سمعي عند الجريد، فسمعته يقول: " إن الله عز وجل يقول: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35] " هذه الآية. قال عفان: {أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} [الأحزاب: 35]

 خَلقَ اللهُ تعالى النِّساءَ وجَعَلَهنَّ شَقائِقَ الرِّجالِ، والخِطابُ في الشَّريعةِ وإن جاءَ باسمِ الرِّجالِ، لَكِنَّه يَدخُلُ فيه النِّساءُ إلَّا ما جاءَ أنَّه خاصٌّ بالرِّجالِ دونَ النِّساءِ، وإلَّا ففي جَميعِ الأحكامِ والتَّكاليفِ يَشمَلُ الخِطابُ الرِّجالَ والنِّساءَ، ومَعَ هذا فقدَ جاءَت بَعضُ النُّصوصِ بذِكرِ الخِطابِ للرِّجالِ والنِّساءِ
وفي هذا الحَديثِ أنَّ أُمَّ سَلَمةَ أُمَّ المُؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها قالت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما لَنا لا نُذكَرُ في القُرآنِ كما يُذكَرُ الرِّجالُ؟ أي: لماذا لا نُذكَرُ في القُرآنِ كَثيرًا كما يُذكَرُ الرِّجالُ دائِمًا؟ تَقولُ أمُّ سَلَمةَ: فلَم يَرُعْني مِنه يَومَئِذٍ، أي: لَم أشعُرْ، كَأنَّه فاجَأها مِن غَيرِ مَوعِدٍ ولا مَعرِفةٍ ولا وقتِ خُطبةٍ، فراعَها ذلك وأفزَعَها، إلَّا ونِداؤُه على المِنبَرِ، أي: ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ يُنادي، قالت: وأنا أُسَرِّحُ شَعري، أي: أُمَشِّطُه، يُقالُ: سَرَّحَ الشَّعرَ: رَجَّلَه وخَلَّصَ بَعضَه مِن بَعضٍ بالمُشطِ، فلَفَفتُ شَعري، أي: جَمَعتُه بشَيءٍ، ثُمَّ خَرَجتُ إلى حُجرةٍ مِن حُجَرِ بَيتي، أي: ناحيةٍ مِن نَواحي البَيتِ، وكانت حُجُراتُ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَريبةً مِنَ المَسجِدِ، فجَعَلتُ سَمعي عِندَ الجَريدِ، أي: أنَّها رَفعَت رَأسَها إلى جِهةِ الجَريدِ الذى هو سَقفُ المَسجِدِ إذ ذاكَ؛ لقُربِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو على المِنبَرِ؛ لكَونِه غَيرَ مُرتَفِعٍ عنِ المِنبَرِ كَثيرًا، فإذا هو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ عِندَ المِنبَرِ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ يَقولُ في كِتابِه: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، أي: أنزَلَ اللهُ هذه الآياتِ، وفيها ذِكرُ الرِّجالِ والنِّساءِ، وأنَّهم إذا فعَلوا ذلك استَحَقُّوا المَغفِرةَ والأجرَ العَظيمَ، فلا يَختَصُّ به الرِّجالُ دونَ النِّساءِ
وفي الحَديثِ بَيانُ سَبَبِ نُزولِ هذه الآيةِ
وفيه أنَّ مَنِ امتَثَلَ الصِّفاتِ التي في الآيةِ استَحَقَّ المَغفِرةَ والأجرَ العَظيمَ
وفيه اهتِمامُ الإسلامِ بمَكانةِ المَرأةِ