حديث السائب بن يزيد5

مسند احمد

حديث السائب بن يزيد5

حدثنا مكي، حدثنا الجعيد، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عائشة أتعرفين هذه؟ " قالت: لا، يا نبي الله، فقال: " هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك؟ " قالت: نعم، قال: فأعطاها طبقا فغنتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قد نفخ الشيطان في منخريها "

الإسلامُ دينُ الحَنيفيَّةِ السَّمحةِ، فلا تَشَدُّدَ فيه ولا غُلُوَّ، بل راعى فِطرةَ النَّاسِ ومُيولَهم للَّهوِ، فأجازَ لهمُ اللَّهوَ المُباحَ؛ ولهذا رَخَّصَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَماعِ الغِناءِ للنِّساءِ، ولا سيَّما أوقاتَ العُرسِ أوِ الأعيادِ؛ ولهذا لمَّا جاءَتِ امرَأةٌ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا عائِشةُ، أتعرِفينَ هذه؟ فقالت عائِشةُ: لا يا نَبيَّ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذه قَينةُ بَني فُلانٍ، والقَينةُ هي الأمَّةُ المُغَنِّيةُ، ثمَّ سَأل عائِشةَ: هل تُحِبِّينَ أن تُغنِّيَك؟ فقالت: نَعَمْ، فأعطى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُغَنِّيةَ طبقًا، أي: غِطاءً من أغطيةِ وأمتِعةِ البَيتِ حتَّى تَضرِبَ عليه المُغنِّيةُ، ثمَّ غَنَّت لعائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وهذا الغِناءُ هو منَ الغِناءِ المُباحِ، وإلَّا لما أقَرَّها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ذلك، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قد نَفخَ الشَّيطانُ في مِنخَرَيها، وهما: ثُقبا الأنفِ، والمَعنى: أنَّ الشَّيطانَ زَيَّنَ لها الغِناءَ فاستَرسَلت فيه بنَشاطٍ وغَيرِ مَلَلٍ.
وفي الحَديثِ إذنُ الرَّجُلِ لزَوجَتِه بسَماعِ الغِناءِ المُباحِ.
وفيه حُسنُ خُلُقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ أهلِه.
وفيه بَيانُ ما جُبِل عليه النِّساءُ من حُبِّ الغِناءِ واللَّهوِ.