مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم229
مسند احمد

حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني صالح بن كيسان، وابن أخي ابن شهاب، كلاهما عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، ويعقوب، قال: حدثنا أبي، عن صالح، قال ابن شهاب: أخبرني عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس، أخبره قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى، فدفعه إلى عظيم البحرين، يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، - قال يعقوب: فدفعه عظيم البحرين، إلى كسرى - فلما قرأه مزقه " قال ابن شهاب: فحسبت ابن المسيب قال: " فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأن يمزقوا كل ممزق "
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرسِلُ الرَّسائلَ التي تَدْعو إلى الإسلامِ إلى مُلوكِ الأرضِ في زَمانِه؛ عَساهم يَقبَلون الهِدايةَ، فيَهْتدي بهم قَومُهم دونَ حرْبٍ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَنا الكريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَث بكِتابِه مع رجُلٍ، وهو عبدُ الله بنُ حُذافةَ، وأمَرَه أنْ يُعطِيَه إلى عَظيمِ البَحرينِ، والمرادُ والِيها وَحاكِمُها، وكان وَقتئذٍ المُنذِرَ بنَ ساوي، والبَحْرَين تَثنيةُ بَحْرٍ، وكانتْ مَملكةً بيْن البَصرةِ وعُمَانَ، وكانتْ تابعةً لمَملكةِ فارسَ، فأرسَلَه ملِكُ البحرينِ إلى كِسرَى، واسمُه أبرويزُ بنُ هُرمزَ، فقَرَأه ثمَّ مزَّقَه، فلمَّا عَلِمَ بذلك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا عليهم بأنْ يُمزِّقَهم اللهُ كلَّ مُمزَّقٍ، فيُفرِّقَهم ويَقضيَ على مُلكِهم، فاستجابَ اللهُ دُعاءَ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم تَمضِ سِوى سَنواتٍ قَلائِلَ حتَّى زالَ سُلطانُ الفُرْسِ نِهائيًّا مِن جميعِ الأرضِ، واضمحَلَّ بدَعوةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وانقرَضوا بالكلِّيَّةِ في خِلافةِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: الدُّعاءُ إلى الإسلامِ بالكلامِ والكِتابةِ، وأنَّ الكتابةَ تَقومُ مَقامَ النُّطقِ.
وفيه: آيةٌ مِن آياتِ صِدقِ نبوَّةِ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ