حديث العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم4
مسند احمد

حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة، حدثني بعض بني المطلب، قال: قدم علينا علي بن عبد الله بن عباس في بعض تلك المواسم، قال: فسمعته يقول: حدثني أبي عبد الله بن عباس، عن أبيه العباس، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أنا عمك كبرت سني، واقترب أجلي، فعلمني شيئا ينفعني الله به، قال: " يا عباس، أنت عمي ولا أغني عنك من الله شيئا، ولكن سل ربك العفو، والعافية في الدنيا والآخرة " قالها ثلاثا، ثم أتاه عند قرن الحول، فقال له مثل ذلك
الدُّعاءُ سِلاحُ المُؤمِنِ، يَلجَأُ فيه العَبدُ إلى اللهِ تَعالى في كُلِّ وقتٍ وحينٍ، وقد أمَرَ اللهُ تَعالى بدُعائِه، ووعَدَ باستِجابةِ الدُّعاءِ، فقال سُبحانَه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ} [غافر: 60]، فيُشرَعُ للمُسلمِ أن يَدعوَ اللَّهَ تَعالى بما أحَبَّ مِن خَيرَي الدُّنيا والآخِرةِ، ومِن أعظَمِ الطَّلَبِ والسُّؤالِ أن يَسألَ العَبدُ رَبَّه العفوَ والعافيةَ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه أن يَسألوا اللَّهَ العافيةَ، ويوصي مَن يَطلُبُ مِنه شَيئًا بسُؤالِ اللهِ العافيةَ، ومِن ذلك أنَّ العَبَّاسَ بنَ عَبدِ المطَّلِبِ عَمَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضيَ اللهُ عنه جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنا عَمُّك كَبِرَت سِنِّي، أي: أصبَحتُ كَبيرًا في السِّنِّ، ورَقَّ عَظمي، أي: ضَعُف، واقتَرَبَ أجلي، أي: دَنا وقتُ مَوتي. فعَلِّمْني شَيئًا يَنفعُني اللَّهُ به، أي: فأُريدُ مِنك أن تعَلِّمَني شَيئًا يَكونُ فيه نَفعٌ لي، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا عَبَّاسُ، أنتَ عَمِّي ولا أُغني عنك مِنَ اللهِ شَيئًا، أي: لا أدفعُ عنك ولا تُنجيك قَرابَتي مِن عَذابِ اللَّهِ إن كُنتَ مُقَصِّرًا في حُقوقِه، فلا تَعتَمِدْ عليَّ ولَكِنَّ سِلِ اللَّهَ، أي: اطلُبْ مِنَ اللهِ العَفوَ والعافيةَ.
والعَفوُ هو التَّجاوُزُ عنِ الذَّنبِ وتَركُ العِقابِ عليه، أصلُه المَحوُ والطَّمسُ.
والعافيةُ: هيَ السَّلامةُ مِنَ الشَّدائِدِ والبَلايا والمَكارِه الدُّنيَويَّةِ والأُخرَويَّةِ.
وقيلَ هيَ: أن تَسلَمَ مِنَ الأسقامِ والبَلايا، وهيَ الصِّحَّةُ ضِدُّ المَرَضِ.
في الدُّنيا والآخِرةِ. وهذا يَتَضَمَّنُ إزالةَ الشُّرورِ الماضيةِ والآتيةِ.
قالها ثَلاثًا، أي: كَرَّرَها عليه ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ سُؤالِ اللهِ العَفوَ والعافيةَ.
وفيه مَشروعيَّةُ تَكرارِ الدُّعاءِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وفيه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُغني عن قَرابَتِه شَيئًا