حديث معاذ بن جبل 16

مسند احمد

حديث معاذ بن جبل 16

 حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش، حدثنا عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن «وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر، وأمرني أن آخذ من كل أربعين بقرة مسنة، ومن ثلاثين بقرة تبيعا حوليا، وأمرني فيما سقت السماء العشر، وما سقي بالدوالي نصف العشر»

شَريعةُ الإسلامِ هي شَريعةُ العَدْلِ؛ فعِندَما حَكَمَتْ بالجِزْيةِ، عَدَلَتْ في أخْذِها، فلم تَظلِمْ أهْلَ الذِّمَّةِ شَيئًا، وعِندَما حَكَمَتْ بأخْذِ الزَّكاةِ، عَدَلَتْ فيها، فلم تَظلِمْ أصْحابَ الأمْوالِ شيئًا، بل هي نَماءٌ لأمْوالِهم
وفي هذا الحَديثِ يقولُ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ رضِيَ اللهُ عَنه: "بَعَثَني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى اليَمَنِ" أرسَلَهُ لجَمْعِ الزَّكاةِ والجِزْيةِ، وغَيرِهما، "وأمَرَني أنْ آخُذَ مِن كُلِّ حالِمٍ دِينارًا" يأخُذَ مِن كُلِّ ذَكَرٍ بالِغٍ مِن أهْلِ الذِّمَّةِ دِينارًا، "أو عَدْلَه مَعافِرَ"، أو مَعافِرِيًّا يُساوي دِينارًا، والْمَعافِريُّ ثَوبٌ يمَنيٌّ، "وأمَرَني أنْ آخُذَ من كُلِّ أربَعينَ بَقَرةً مُسِنَّةً" يَأخُذَ مُسِنَّةً كزَكاةٍ لهذا العَددِ من أصْحابِ البَقَرِ، والمُسِنَّةُ: ما أتَمَّتْ سَنَتَينِ، ودخَلَتْ في الثَّالثةِ، وقيلَ: ثلاثَ سِنينَ، ودخَلَتْ في الرَّابعةِ، وقيلَ: سَنةً. "ومِن ثَلاثينَ بَقَرةً تَبيعًا حَوليًّا"، وأمَرَه أنْ يأخُذَ تَبيعًا أو تَبيعةً كزَكاةٍ لهذا العدَدِ لأصْحابِ تِلك البَقَرِ، والتَّبيعُ: ما أتَمَّ سنَةً، ودخَلَ في الثَّانيةِ. وقيلَ: ما له سَنةٌ، وقيلَ: دونَ سَنةٍ، وقيلَ: سِتَّةُ أشهُرٍ، وسُمِّي تَبيعًا؛ لأنَّه ما زالَ يَتبَعُ أُمَّهُ، وقيلَ: لأنَّ قَرْنَيهِ يَتبَعانِ أُذنَيهِ، "وأمَرَني فيما سَقَتِ السَّماءُ العُشرُ، وما سُقِيَ بالدَّوالي نِصفُ العُشرِ" بمَعْنى: ما نبَتَ مِن الثِّمارِ فزَكاتُهُ إخْراجُ العُشرِ إذا كان يُسقَى بالأنْهارِ أو المَطَرِ بلا تَكْلِفةٍ، أمَّا إذا كان يُسْقى بالسَّواقي كالدَّلوِ وما في مَعْناه مِن تَكلِفةِ الماءِ، فزَكاتُهُ إخراجُ نِصفِ العُشرِ؛ ترَفُّقًا بتَكاليفِ الزَّرعِ
وفي الحَديثِ: الاهتِمامُ بجَمعِ الزَّكاةِ، وتَوكيلُ مَن يَجمَعُها، وأنَّ ذلك مِن مَهامِّ وليِّ الأمرِ
وفيه: التَّيسيرُ في جَمعِ الجِزْيةِ؛ حيثُ كان المَطْلوبُ المبلَغَ، أو قِيمتَهُ