‌‌ذكر الأمر للمرء أن لا يصحب إلا الصالحين ولا ينفق إلا عليهم277

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر الأمر للمرء أن لا يصحب إلا الصالحين ولا ينفق إلا عليهم277

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس حدثه
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" 1. [1: 63]

 كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حرِيصًا على تَعليمِ أُمَّتِه ما يَنفعُها في دِينِها ودُنياها، وما يحفظُ عليهم عَلاقاتِهم الطَّيِّبةَ، وكانَ يحضُّ على التواصُلِ والتوادِّ والتصاحُبِ بين المسلمينَ، وهذا الحديثُ تَوجيهٌ وإرْشادٌ نَبويٌّ لِمَن أرادَ سلامةَ نفسِه وبيتِه وعَلاقاتِه معَ الناسِ. وفيه يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لا تصاحِبْ إلَّا مُؤمِنًا"، أي: لا تَتخِذْ صاحِبًا ولا صديقًا إلَّا مِن المؤمنينَ؛ لأنَّ المؤمنَ يدلُّ صديقَه على الإيمانِ والهدى والخيرِ، ويَكونُ عُنوانًا لصاحِبه، وأَّما غيرَ المؤمنِ فإنَّه يضُرُّ صاحبَه. "ولا يَأكلْ طعامَكَ إلَّا تقِيٌّ"، أي: المتورِّعُ، والمرادُ: لا تَدعُ أحدًا إلى طعامِكَ وبيتِكَ إلَّا الأتقياءَ؛ فإنَّ التقيَّ يتقوَّى بطعامِكَ على طاعةِ اللهِ، وإذا دخلَ بيتَكَ لم يتطلَّعْ إلى عوراتِكَ، وإذا رَأى شيئًا ستَره عليكَ، أمَّا غيرُ الأتقياءِ مِن الفاسقينَ فهُم على العَكسِ مِن ذلكَ، فإنَّ الإطعامَ يُحدِثُ الملاطفةَ والمودَّةَ والأُلفةَ، فيجِبُ أن يكونَ ذلكَ للمؤمنينَ والصالحينَ.

وفي الحديثِ: النَّهيُ عن اتِّخاذِ الأصحابِ مِن الفسَقةِ، والأمرُ باتَّخاذِهم مِن الأتقياءِ المؤمنينَ.

وفيهِ: النَّهيُ عن دَعوةِ الفَسقةِ إلى الطَّعامِ، والأمرُ بدَعوةِ الصالحينَ إليه.