ذكر الإخبار عما يجب على المرء أن تحفظ من تحفظ أحواله في أوقات السر131
صحيح ابن حبان

أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أدلكم على شيء يكفر الخطايا ويزيد في الحسنات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء أو الطهور في المكاره وكثرة الخطا إلى هذا المسجد والصلاة بعد الصلاة وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد فيصلي مع المسلمين أو مع الإمام ثم ينتظر الصلاة التي بعدها إلا قالت الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه.
فإذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج فإذا كبر الإمام فكبروا فإني أراكم من ورائي وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد.
وخير صفوف الرجال المقدم وشر صفوف الرجال المؤخر وخير صفوف النساء المؤخر وشر صفوف النساء المقدم.
يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاحفظن أبصاركن من عورات الرجال" 1.
الصَّلاةُ رُكنٌ من أركانِ الإسلامِ، ولها فضلٌ عظيمٌ ومَنزِلةٌ عُليا بينَ العِباداتِ، ووضَّحَتِ السُّنَّةُ النَّبويَّةُ أنَّ اللهَ يُباهي مَلائكتَه بعِبادِه المُصلِّينَ والَّذين يَنتظِرونَ أوقاتَها.
وفي هذا المَعنى يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُخاطِبًا أصحابَه: «أَلَا أَدُلُّكم»، أي: ألَا تُريدون أن أُخبِرَكم وأُطلِعَكم، على سببٍ منَ الأسبابِ التي يُغفَرُ ويُمحى بها الذُّنوبُ والمَعاصي، ويكونُ أيضًا سَببًا في عُلُوِّ المَنزِلةِ في الدُّنيا والآخِرةِ؟ فقال الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، دُلَّنا على ذلك الخيرِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إِسْباغُ الوضوءِ على المَكارِهِ» ويَكونُ بإتمامِه وإعطاءِ كلِّ عُضوٍ حقَّه مِنَ الماءِ، والمَكارِه تَكونُ بِشِدَّةِ البَردِ وألمِ الجِسمِ، فيُكرِه الرَّجُلُ نَفسَه عَلى الوُضُوءِ في شِدَّةِ البَردِ. والأمرُ الثَّاني هو الإكثارُ مِنَ الذَّهابِ إلى المَساجِدِ لإدراكِ الجَماعاتِ، والأمرُ الثَّالِثُ: انتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، بالبقاءِ في المَسجِدِ وانتظارِ الفرائضِ بها، لا يَقطَعُه منها إلَّا الحاجَةُ، ثُمَّ بيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذه الأعمالَ الثَّلاثةَ هي: الرِّباطُ، أي: يكونُ صاحِبُها في مَنزِلةِ مَن يُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ تَعالَى، والمُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ تَعالَى هو الَّذي يُلازِمُ ثُغورَ وحُدودَ بِلادِ المُسلِمينَ مع بِلادِ الكُفَّارِ لحِراسَتِها، وهذا من أعظَمِ الأعمالِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ. فسَمَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الأعمالَ مُرابَطةً؛ لكَونِها تَسُدُّ طُرُقَ الشَّيطانِ على النَّفسِ، وتَقهَرُ الهَوى، وتَمنَعُ النَّفسَ من قَبولِ الوَساوِسِ، فيَغلِبُ بها حِزبُ اللهِ جُنودَ الشَّيطانِ، وذلِكَ من الجِهادِ؛ فكانت بمَنزِلةِ الرِّباطِ.
وفي روايةٍ أنَّه كرَّرَ قولَه: «فَذَلِكُمُ الرِّباطُ» للإسماعِ والتَّأكيدِ بما في تِلك الأعمالِ من عِظَمِ أجرٍ.