‌‌ذكر وصف إشراك المرء بالله جل وعلا في عمله134

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر وصف إشراك المرء بالله جل وعلا في عمله134

أخبرنا محمد بن إبراهيم الدوري1 بالبصرة قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بشر هذه الأمة بالنصر والسناء والتمكين فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب" 2. [2: 109]

كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَشِّرُ أُمَّتَه بالخَيرِ؛ تَرغيبًا لهم فيما عِندَ اللهِ، وحَثًّا لهم على إخلاصِ العَمَلِ للهِ سُبحانَه، وتَركِ المُراءاةِ به.

 وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "بَشِّرْ هذه الأُمَّةَ بالتَّيسيرِ"، بأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَسَّرَ لها أمْرَها، وذلَّلَ لها الصِّعابَ، والمُرادُ بالأُمَّةِ؛ أُمَّةُ الإجابةِ، لا أُمَّةُ الدَّعوةِ، "والسَّناءِ والرَّفعةِ بالدِّينِ"، وهُما عُلوُّ القَدْرِ والمَكانةِ لِمَن تَمسَّكَ بدِينِه، "والتَّمكينِ في البِلادِ، والنَّصرِ"، وذلك بالغَلَبةِ على الناسِ، وبفَتحِ البِلادِ، ودُخولِ الناسِ في دينِ اللهِ أفواجًا، "فمَن عَمِلَ منهم بعَمَلِ الآخِرةِ لِلدُّنيا، فليس له في الآخِرةِ مِن نَصيبٍ"، والمُرادُ التَّحذيرُ مِنَ الرِّياءِ بالأعمالِ الصَّالِحةِ، وعَدَمِ إخلاصِها لِوَجهِ اللهِ، والتَّحذيرُ مِن أنْ يَعمَلَ المُسلِمُ العَمَلَ الصَّالِحَ الذي هو في الأصلِ لِطَلَبِ الآخِرةِ، فيَبتَغيَ بنِيَّتِه طَلَبَ الأجْرِ في الدُّنيا، بأيِّ صُورةٍ كانت، مِثلَ طَلَبِ الجاهِ والسُّلطانِ والمالِ بهذا العَمَلِ، فمَن عَمِلَ ذلك فقد حَصَلَ على أجْرِه في الدُّنيا، وليس له في الآخِرةِ أجْرٌ عِندَ اللهِ؛ كالمُجاهِدِ الذي يُحارِبُ لأخذِ الغَنيمةِ؛ فإنَّه يَطلُبُ طَلَبًا خَسيسًا، ولكنَّ الذي يُقبِلُ على اللهِ ويَعمَلُ للهِ، حازَ الفَلاحَ في دُنياهُ وآخِرتِه، ويَجمَعُ هذه المعانيَ قَولُه تَعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20].

وفي الحَديثِ بَيانُ فَضلِ أُمَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الدُّنيا .