‌‌ذكر الإخبار عن الحالة التي من أجلها أنزل الله جل وعلا: {لا إكراه في الدين}13

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر الإخبار عن الحالة التي من أجلها أنزل الله جل وعلا: {لا إكراه في الدين}13

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا حسن بن علي الحلواني قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {لا إكراه في الدين} [البقرة: 256] قال: كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار فقالت الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله هذه الآية {لا إكراه في الدين} قال سعيد بن جبير: فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام1. [64:3]

في هذا الحديثِ يقولُ الصَّحابيُّ الجليلُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "كانتِ المرأةُ"، أي: في أيَّامِ الجاهليَّةِ، "تكون مِقْلاتًا" المِقلاتُ هي الَّتي لا يَعيشُ لها مولودٌ، "فتَجعَلُ على نفسِها"، أي: تجعلُ على نفسِها نَذْرًا، "إن عاشَ لها ولدٌ"، أي: إن بَقِي بعدَ الولادةِ ولم يَمُتْ، "أن تُهوِّدَه"، أي: تجعَلَه يَهوديًّا يَدينُ بدِينِ اليهودِ، "فلمَّا أُجلِيَتْ بَنو النَّضيرِ"، أي: لَمَّا أُخرِجوا من المدينةِ، وكانت بَنو النَّضيرِ من اليهودِ، "كان فيهم مِن أبناءِ الأنصارِ"، أي: كان ضِمْنَ بَني النَّضيرِ الَّذين أُخرِجوا من المدينةِ بعضُ أبناءِ الأنصارِ، "فقالوا"، أي: الأنصارُ، "لا نَدَعُ أبناءَنا"، أي: لا نترُكُ أبناءَنا، فأنزلَ اللهُ عزَّ وجل: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] ، أي: لا يُكرَهُ أحدٌ على الدُّخولِ في الإسلامِ؛ فقد بيَّن اللهُ طريقَ النَّجاةِ والفوزِ مِن طريقِ الغيِّ والهلاكِ، وظَهَر بالآيات البيِّنات أنَّ الإيمانَ رُشدٌ وأنَّ الكفرَ غيٌّ، وقد ورَد أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لهم: "قد خُيِّر أصحابُكم؛ فإنِ اختاروكم فهم منكم، وإنِ اختاروهم فأجْلُوهم معهم".