ذكر البيان بأن مجاهدة المرء في بر والديه هو المبالغة في برهما149
صحيح ابن حبان

حدثنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة حدثنا يعلى بن عطاء عن أبيه
عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال يا رسول الله أتأذن لي في الجهاد؟ قال "ألك والدان" قال نعم قال "اذهب فبرهما" فذهب وهو يحمل الركاب1. [1:2]
بِرُّ الوالِدَيْنِ والجِهادُ مِن أعظَمِ العِباداتِ والقُرَبِ التي يَنالُ بها العَبدُ رِضا اللهِ تعالَى، وثَوابَه العَظيمَ، ولكِنْ يُقدَّمُ بِرُّ الوالِدَيْنِ على الجِهادِ إذا لم تَكُنِ الحاجةُ ضَروريَّةً عِندَ الفَردِ لِلجِهادِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عَبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه جاء رَجُلٌ يَستأذِنُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخُروجِ لِلجِهادِ، فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أحَيٌّ والِداكَ؟» فقالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ففيهما فجاهِدْ»، فابذُلْ جَهْدَكَ في إرضائِهما وبِرِّهما، يُكتَبْ لكَ أجْرُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى.
قيلَ: هذا إنَّما يَكونُ في وَقتِ قُوَّةِ الإسلامِ، وغَلَبةِ أهلِه لِلعَدُوِّ، وإذا كان الجِهادُ مِن فُروضِ الكِفايةِ، فأمَّا إذا قَويَ أهلُ الشِّركِ وضَعُفَ المُسلِمونَ، فالجِهادُ مُتعَيِّنٌ على كُلِّ نَفْسٍ، ولا يَجوزُ التَّخلُّفُ عنه، وإنْ مَنَعَ منه الأبَوانِ.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ والتَّرغيبُ على بِرِّ الوالِدَيْن.
وفيه: أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ يَدخُلُ فيه أنواعٌ مُتعدِّدةٌ مِنَ الطاعاتِ.