ذكر البيان بأن بر الوالدين أفضل من جهاد التطوع150
صحيح ابن حبان

أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال يا رسول الله إني هاجرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد هجرت الشرك ولكنه الجهاد هل لك أحد باليمن" قال أبواي2 قال "أذنا لك" قال لا قال "ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما" 3. [1: 2]
بِرُّ الوالِدَيْنِ والجِهادُ مِن أعظَمِ العِباداتِ والقُرَبِ التي يَنالُ بها العَبدُ رِضا اللهِ تعالَى، وثَوابَه العَظيمَ، ولكِنْ يُقدَّمُ بِرُّ الوالِدَيْنِ على الجِهادِ إذا لم تَكُنِ الحاجةُ ضَروريَّةً عِندَ الفَردِ لِلجِهادِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عَبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه جاء رَجُلٌ يَستأذِنُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخُروجِ لِلجِهادِ، فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أحَيٌّ والِداكَ؟» فقالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ففيهما فجاهِدْ»، فابذُلْ جَهْدَكَ في إرضائِهما وبِرِّهما، يُكتَبْ لكَ أجْرُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى.
قيلَ: هذا إنَّما يَكونُ في وَقتِ قُوَّةِ الإسلامِ، وغَلَبةِ أهلِه لِلعَدُوِّ، وإذا كان الجِهادُ مِن فُروضِ الكِفايةِ، فأمَّا إذا قَويَ أهلُ الشِّركِ وضَعُفَ المُسلِمونَ، فالجِهادُ مُتعَيِّنٌ على كُلِّ نَفْسٍ، ولا يَجوزُ التَّخلُّفُ عنه، وإنْ مَنَعَ منه الأبَوانِ.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ والتَّرغيبُ على بِرِّ الوالِدَيْن.
وفيه: أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ يَدخُلُ فيه أنواعٌ مُتعدِّدةٌ مِنَ الطاعاتِ.