‌‌ذكر البيان بأن المرء مباح له أن يظهر ما أنعم الله عليه من التوفيق للطاعات إذا قصد بذلك التأسي فيه دون إعطاء النفس شهوتها من المدح عليها49

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر البيان بأن المرء مباح له أن يظهر ما أنعم الله عليه من التوفيق للطاعات إذا قصد بذلك التأسي فيه دون إعطاء النفس شهوتها من المدح عليها49

أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت
عن أنس قال: "وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قيل يا رسول الله إن أثر الوجع عليك بين قال "إني على ما ترون قرأت البارحة السبع الطول" 1. [5: 47]

القُرآنُ الكريمُ هو كَلامُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو أفضَلُ الكَلامِ وأعظَمُه، وفي قِراءتِهِ وتِلاوتِهِ أجْرٌ كبيرٌ، وقد خُصَّت بالفَضلِ بعضُ السُّوَرِ والآياتِ الَّتي يَكونُ لِقارئِها فَضْلٌ عظيمٌ في الأجْرِ والثَّوابِ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أُعْطيتُ مَكانَ التَّوْراةِ" بمَعْنى أعْطاني اللهُ بَدَلًا من التَّوْراةِ وما فيها "السَّبْعَ الطِّوالَ" والتَّوْراةُ هي كِتابُ اللهِ الذي أنزَلَهُ على مُوسى عليه السَّلامُ، والسَّبعُ الطِّوالُ المُرادُ هُنا سَبعُ سُوَرٍ طِوالٍ كبارٍ مِن البَقَرةِ إلى التَّوبةِ، وقيلَ: المُرادُ: البَقَرةُ، وآلُ عِمرانَ، والنِّساءُ، والمائدةُ، والأنْعامُ، والأعْرافُ، ويُونُسُ، وقيلَ: المُرادُ: البقرةُ، وآلُ عِمرانَ، والنِّساءُ، والمائدةُ، والأنْعامُ، والأعْرافُ، والأنْفالُ مع بَراءةَ سورةٌ واحدةٌ، وقد بُيِّنَ فيهِنَّ الأمْثالُ، والخَبَرُ، والعِبَرُ، والفَرائِضُ، والحُدودُ، والقَصَصُ، والأحْكامُ، "وأُعْطيتُ مَكانَ الزَّبورِ المِئينَ"، والزَّبورُ هو كِتابُ اللهِ الَّذي أنزَلَهُ على نَبيِّهِ داودَ عليه السَّلامُ، ويُقصَدُ بالمِئينَ السُّوَرُ الَّتي عَدَدُ آياتِها أكثَرَ من المِئةِ، وقيلَ: أوَّلُها ما يَلي الكَهْفَ لِزَيادةِ كُلٍّ منها على مِئةِ آيةٍ أو التي فيها القَصَصُ أو غَيرُ ذلِكَ، "وأُعْطيتُ مَكانَ الإنْجيلِ المَثانيَ"، والإنْجيلُ هو كِتابُ اللهِ الَّذي أنزَلَهُ على نَبيِّهِ عيسى عليه السَّلامُ، وقيلَ: المَثاني هي السُّوَرُ الَّتي آياتُها مِئةٌ أو أقَلُّ، أو ما عدا السَّبْعَ الطِّوالَ إلى المُفصَّلِ، وسُمِّيَتْ مَثانيَ؛ لأنَّها أثْنَتِ السَّبْعَ، أو لِكَونِها قَصُرَتْ عنِ المِئينَ وزادتْ على المُفصَّلِ، أو لأنَّ المِئينَ جُعِلت مَبادِئَ، والَّتي تَليها مَثاني ثُمَّ المُفصَّلُ، وقيلَ غَيرُ ذلِكَ، وقيلَ: المثاني هي سُورةُ الفاتِحةِ، وسُمِّيَت بذلِكَ؛ لأنَّها سَبعُ آياتٍ، وتُثنَّى في الصَّلاةِ، وتُكرَّرُ قِراءتُها في كُلِّ ركعةٍ، وقيلَ: لأنَّها استُثنِيَت لهذه الأُمَّةِ فلم تَنزِلْ على أحَدٍ قَبلَها ذُخرًا لها، "وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ" بمَعْنى زادني اللهُ من فَضلِهِ بأنْ أعْطاني وأنزَلَ عليَّ سُوَرَ المُفصَّلِ، وهي السُّوَرُ القَصيرةُ من القُرآنِ، وقيلَ: إنَّ مَبدَأَها من الحُجُراتِ إلى آخِرِ القُرآنِ، وقيلَ غَيرُ ذلِكَ .