‌‌ذكر كتبة الله جل وعلا أجر السر وأجر العلانية لمن عمل لله طاعة في السر والعلانية فاطلع عليه من غير وجود علة فيه عند ذلك105

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر كتبة الله جل وعلا أجر السر وأجر العلانية لمن عمل لله طاعة في السر والعلانية فاطلع عليه من غير وجود علة فيه عند ذلك105

أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سعيد بن سنان أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح
عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره قال " له أجران أجر السر وأجر العلانية" 1

المؤمنُ الحقُّ يَحرِصُ على إخلاصِ الأعمالِ للهِ تعالى فيُخفِيها، وقد كان الصَّحابَةُ يَحرِصونَ على تَنقيةِ أعمالِهم من الرِّياءِ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَحكي أبو هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ، الرجُلُ يَعمَلُ العمَلَ"، أي: يَعملُ العَملَ الصالحَ، من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وغيرِ ذلك، "يُسِرُّه"، أي: يُخفيه رجاءَ أن يكونَ خالصًا لله عزَّ وجلَّ، "فإذا اطُّلِعَ عليه أعْجَبَه"، أي: إذا عرَف أحدٌ بعملِه الصالحِ الذي حاولَ إخفاءَه أعجبَه ذلك، رجاءَ أن يعملَ بعملِهِ؛ فيكونُ له مِثلُ أجورِه، وقيل: أعجبَه أنْ يُثنِيَ الناسُ عليه بالخير، فيفرحَ بتوفيقِ اللهِ له، وليس المرادُ العُجْبَ بالنَّفْسِ، وطلَبَ المنزلةِ والسُّمْعةِ عند الناس، فإنَّه يُبطِل العملَ، وهذا ما خشِيَه السائلُ، فكأنَّ معنى سؤاله: هل هذه الصُّورةُ رياءٌ أم لا؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لك أجرانِ: أجرُ السِّرِّ"، أي: لإخلاصِك وحِرصِك على إخفاءِ العملِ، "وأجرُ العلانيةِ"، أي: ولك أجرٌ أنْ يراكَ الناسُ على الطاعةِ ليقتدوا بك؛ ويَعملوا مِثلَ عمَلِك، أو لفرحِك بالطاعةِ وظُهورِها وانتشارِها، وكذلك جميعُ الناسِ ممَّن عَمِلَ عمَلًا صالحًا لله، وهو يحِبُّ أنْ يَعملَ الناسُ مِثلَ عَملِه، فله أجرانِ: أجرُ العَملِ، وأجرُ تعليمِ الناسِ الخيرَ.